للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْفَعُ إلَيْهِ رُبْعَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعَجْزِ وَيَفْدِيهِ مَوْلَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ

قَالَ: فَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ أَعْوَرَّ ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا لِلْأَوَّلِ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الثَّانِي إنَّمَا يَثْبُتُ فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَعْوَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلِهَذَا كَانَ نِصْفُ قِيمَتِهِ صَحِيحًا لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَضْرِبُ فِيهِ الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ إلَّا مَا أَخَذَ وَالْآخَرُ بِكَمَالِ الدِّيَةِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ إنْسَانٌ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِنْ سُعْرٍ أَوْ عَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَتُهُ حِينَ جُنِيَ عَلَيْهِ

قَالَ: وَلَوْ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَحَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ أَوْ أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا فَقَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلَّذِي وَقَعَ فِي الْبِئْرِ وَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ وَسَعَى فِيهَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ عَطِبَ مِمَّا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ إنْسَانٌ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لِلَّذِي وَقَعَ فِي الْبِئْرِ وَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ وَسَعَى فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا صَارَ جَانِيًا بِذَلِكَ التَّسَبُّبِ وَجِنَايَاتُ التَّسَبُّبِ وَالْمُبَاشَرَةِ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ آخَرُ فَمَاتَ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ بَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ قَضَى الْقَاضِي بِقِيمَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ بِالتَّسْبِيبِ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ جِنَايَتِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ فَيَلْزَمُهُ بِاعْتِبَارِهَا قِيمَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ قَدْ فَرَغَتْ مِنْ قَبْلِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ فَيُشْغَلُ بِالْجِنَايَةِ الْمُبْتَدَأَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِأَجْلِهَا وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ الْأَوَّلِ فَرَسٌ فَعَطِبَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ دَيْنًا يَسْعَى فِيهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يُشَارِكُهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ وَلَا يُشَارِكُونَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ ضَمَانُ مَالٍ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَ ضَمَانِ الْمَالِ وَضَمَانِ النَّفْسِ وَلَا مُشَابَهَةَ فِي الْحُكْمِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً فَاسْتَهْلَكَ مَالًا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فِي الْقَتْلِ وَبِالْمَالِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَكُلُّ مَنْ يُكَاتِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ السِّعَايَةِ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ دَفْعَهَا بِالْجِنَايَةِ مُتَعَذِّرٌ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ فِيمَا يَلْزَمُهَا بِالْجِنَايَةِ وَلَوْ جَنَى عَبْدُهُ خُوطِبَ الْمَكَاتِبُ فِيهِ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فَالتَّدْبِيرُ فِي كَسْبِهِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ مِنْ الْعَبْدِ عَمْدًا فَصَالَحَ الْمُكَاتِبُ عَلَى مَالِ جَازَ صُلْحُهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَخْلِيصَ مِلْكِهِ

قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِقَتْلٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّهُ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ عَنْهُ قَضَى عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِلْآخَرِ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا قَضَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْجِزَ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ صَالَحَ عَنْ نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>