عَشَرَ وَثُلُثُ، قَدْ سَلِمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُلُثُ كُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَثُلُثٍ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ سَلِمَ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ فِيهِ نَقُولُ: الْإِقَالَةُ تَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ، ثُمَّ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِثُلُثِ ذَلِكَ، وَهُوَ حِصَّتُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ثُلُثَ كُرٍّ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ يَبْقَى فِي يَدِ الْوَارِثِ ثُلُثَا شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا، فَاجْبُرْ ثُلُثَيْ كُرٍّ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ ثُلُثَيْ الْكُرِّ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَالْكُرُّ الْكَامِلُ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، قَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ بِمَعْنَى ثُلُثَيْ الْكُرِّ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَقَالَهُ الْمُسْلِمُ، وَهُوَ مَرِيضٌ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَخَمْسَةَ أَتْسَاعِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ خَمْسُونَ فَنَنْظُرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ كَمْ هُوَ مِنْ مِقْدَارِ الْمُحَابَاةِ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ سَهْمًا، وَجُمْلَةُ الْمُحَابَاةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ تَكُونُ خَمْسَةً فَعَرَفْنَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَابَاةِ خَمْسُ أَتْسَاعِ، وَصِحَّةُ الْإِقَالَةِ بِاعْتِبَارِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتُسْعَانِ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ رَأْسِ الْمَالِ، مِقْدَارُ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ وَتُسْعٌ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ مِقْدَارِ ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْكُرِّ قِيمَتُهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَسَبْعَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ بِأَخْذِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَتُسْعٍ الَّذِي أَعْطَى الْوَرَثَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ مُحَابَاةً لَهُ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِخُمْسَيْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْكُرِّ كَذَلِكَ فَيَبْقَى فِي يَدِ الْوَارِثِ كُرٌّ إلَّا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَ شَيْءٍ فَأَجْبِرْ الْكَرَّ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُ شَيْئًا وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ، قَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ وَشَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ يَكُونُ خَمْسَةَ أَتْسَاعٍ، فَظَهَرَ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْكُرِّ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْكُرِّ فَالْعَمَلُ فِيهِ كَمَا وَصْفنَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخٌ كَمَا قَبْلَهُ فَلَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقِيمَةُ الْكُرِّ ثَلَاثُونَ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ أَقَالَهُ إيَّاهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْكُرَّ قِيلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute