للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْتِ زَوْجِهَا إلَّا مَعَ جِهَازِ مِثْلِهَا فَفِي مِقْدَارِ جِهَازِ مِثْلِهَا يُتْرَكُ الْقِيَاسُ لِلْعُرْفِ الظَّاهِرِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ لَهَا وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْقَوْلِ قَوْلُ الزَّوْجِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الَّذِي قُلْنَا. وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ الرَّجُلِ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا وَالِاسْتِعْمَالُ يَدٌ حَتَّى لَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِذَيْلِهِ، أَوْ تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَأَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَعْمِلِ فَكَانَتْ يَدُ الْمُسْتَعْمِلِ هُنَا أَقْوَى فِيمَا هُوَ صَالِحٌ لِأَحَدِهِمَا فَأَمَّا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُ الرَّجُلِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَقَدْ كَانَتْ هِيَ مَعَ الْمَتَاعِ فِي يَدِهِ فَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَثَةُ الزَّوْجِ يَقُومُونَ مَقَامَ الزَّوْجِ فَكَمَا أَنَّ فِي الْمُشْكِلِ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَدُ الْبَاقِي مِنْهُمَا إلَى الْمَتَاعِ أَسْبَقُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يُثْبِتُ يَدَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَكَمَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ هُنَا بِقُوَّةِ الْيَدِ لِصَلَاحِيَّةِ الِاسْتِعْمَالِ فَكَذَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِسَبْقِ الْيَدِ وَلِأَنَّ يَدَ الْبَاقِي مِنْهُمَا يَدُ نَفْسِهِ وَيَدُ الْوَارِثِ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِ مُوَرِّثِهِ فَلِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّرْجِيحِ كَانَ الْمُشْكِلُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا أَيِّهِمَا كَانَ. وَمَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَةِ وَالرَّجُلُ مَعْرُوفٌ بِتِلْكَ التِّجَارَةِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ، وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ وَجُبَّةُ الْقَزِّ وَالْخَزِّ وَالْبُرْدِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ إذَا كَانَتْ ذَاتَ لَبَّةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَسْتَعْمِلُهُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ. وَالْمُسْتُقَةُ وَالْبُرُّ كَانَ الْمَعْلَمُ مِمَّا يَكُونُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ حُرًّا وَالْآخَرُ مَمْلُوكًا، أَوْ مُكَاتَبًا فَالْمَتَاعُ لِلْحُرِّ مِنْهُمَا أَيِّهِمَا كَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَذَا وَمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ سَوَاءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمَمْلُوكَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا مُعْتَبَرَةً.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ حُرٌّ وَمَمْلُوكٌ فِي مَتَاعٍ فِي يَدِهِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا تَتَرَجَّحُ يَدُ الْحُرِّ بِحُرِّيَّتِهِ، فَكَذَلِكَ هَذَا. وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ يَدُ الْحُرِّ أَقْوَى فَإِنَّهَا يَدُ مِلْكٍ وَيَدُ الْعَبْدِ لَيْسَتْ بِيَدِ مِلْكٍ فَكَمَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ هُنَا بِقُوَّةِ الْيَدِ يَقَعُ بِالْقُرْبِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ، فَكَذَلِكَ يَقَعُ التَّرْجِيحُ هُنَا بِقُوَّةِ الْيَدِ بِالْحُرِّيَّةِ، تَوْضِيحُهُ أَنَّ يَدَ الْحُرِّ يَدُ نَفْسِهِ وَيَدَ الْعَبْدِ مِنْ وَجْهٍ كَأَنَّهَا يَدُ مَوْلَاهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ التَّرْجِيحَ هُنَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ نَفْسِهِ كَمَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَافِرًا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا فَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>