للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حِدَةٍ إلَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَقْسِمَا الْكُلَّ قِسْمَةً وَاحِدَةً وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَيَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَعْدَلِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا فِي الدُّورِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ الْمُتَفَرِّقَةَ تَتَفَاوَتُ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا فِي الْعِلَّةِ وَالصَّلَاحِيَّةِ لِلرَّطْبَةِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَفَاوُتِ الدُّورِ الْمُتَفَرِّقَةِ تَتَفَاوَتُ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا أَوْ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّ هُنَاكَ لِتَعَذُّرِ الْمُعَادَلَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْسَمُ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْأَقْرِحَةِ.

وَإِذَا كَانَتْ الْقَرْيَةُ مِيرَاثًا بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا فَأَصَابَ أَحَدُهُمْ قِرَاحَ وَغَلَّاتٍ فِي قِرَاحٍ وَأَصَابَ الْآخَرُ قَرْحَا كَرْمٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْقِسْمَةِ يَعْتَمِدُ الرِّضَا وَمَا أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَيَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْقِسْمَةِ أَيْضًا وَاذَا أَصَابَ بَعْضَهُمْ بُسْتَانٌ وَكَرْمٌ وَبُيُوتٌ وَكَتَبُوا فِي الْقِسْمَةِ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا أَوْ لَمْ يَكْتُبُوا ذَلِكَ فَلَهُ مَا فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ، وَإِنْ كَتَبُوا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا دَخَلَ ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَفِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ قَالَ: لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَكِنْ قَالَ هُنَاكَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا فِيمَا ذَكَرَ فِي آخِرِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ إدْخَالُ الطَّرِيقِ وَالشُّرْبِ دُونَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَهُنَاكَ أَطْلَقَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا وَالثَّمَرُ وَالزَّرْعُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَعِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ وَمَنْ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ.

وَإِذَا اقْتَسَمَ نَفَرٌ بَيْنَهُمْ أَرْضًا عَلَى أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ وَلَا شُرْبَ وَرَضُوا بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لِوُجُودِ التَّرَاضِي مِنْهُمْ عَلَى الْتِزَامِ الضَّرَرِ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: الْقَاضِي لَا يَشْتَغِلُ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يُفِيدُ وَلَكِنْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ طَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي قِسْمَةَ الْحَمَّامِ بَيْنَهُمْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ فُعِلَ بِتَرَاضِيهِمْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَهُمْ نَخْلٌ فِي غَيْرِ أَرْضِهِمْ فَاقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ اثْنَانِ مِنْهُمْ الْأَرْضَ وَأَخَذَ الثَّالِثُ النَّخِيلَ بِأُصُولِهَا فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ النَّخْلَةَ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ مِنْهَا وَلَوْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمْ فِي الْقِسْمَةِ حَائِطًا يَنْصِبُهُ جَازَ، فَكَذَلِكَ النَّخْلَةُ، وَإِنْ شَرَطُوا أَنَّ لِفُلَانٍ هَذِهِ الْقِطْعَةَ وَهَذِهِ النَّخْلَةَ وَهُوَ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ وَلِلْآخَرِ قِطْعَةٌ وَلِلثَّالِثِ الْقِطْعَةُ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ النَّخْلَةُ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ النَّخْلَةَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالنَّخْلَةُ لِصَاحِبِهَا بِأَصْلِهَا؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ النَّخْلَةَ كَالْحَائِطِ وَتَسْمِيَةُ الْحَائِطِ فِي الْقِسْمَةِ يَسْتَحِقُّهُ بِأَصْلِهِ، فَكَذَلِكَ تَسْمِيَةُ النَّخْلَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهَا نَخْلَةٌ مَا لَمْ تُقْطَعْ فَأَمَّا بَعْدَ الْقَطْعِ هُوَ جِذْعٌ فَمِنْ ضَرُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>