للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِحْقَاقِ النَّخْلَةِ اسْتِحْقَاقُ أَصْلِهَا.

وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِنَخْلَةٍ اسْتَحَقَّهَا بِأَصْلِهَا وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ فِي الْبَيْعِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَسْتَحِقُّهَا بِأَصْلِهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَسْتَحِقُّ بِأَصْلِهَا إلَّا بِالذِّكْرِ فَقِيلَ الْجَوَابُ فِي الْإِقْرَارِ كَالْجَوَابِ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْخِلَافِ فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُسَوِّي بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَنَقُولُ فِي الْقِسْمَةِ بَعْضُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ مِلْكُهُ وَأَصْلُ مِلْكِهِ فِيهَا نَخْلَةٌ وَإِنَّمَا تَكُونُ نَخْلَةً قَبْلَ الْقَطْعِ فَمِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِهِ الْبَعْضَ بِأَصْلِهِ اسْتِحْقَاقُ جَمِيعِ النَّخْلَةِ بِأَصْلِهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ فَهُوَ إخْبَارٌ بِمِلْكِ النَّخْلَةِ لَهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ نَخْلَةً بِأَصْلِهَا فَأَمَّا الْبَيْعُ إيجَابُ مِلْكٍ مُبْتَدَأٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ إلَّا الْمُسَمَّى فِيهِ وَالنَّخْلَةُ اسْمٌ؛ لِمَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ لَا الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ بِتَسْمِيَةِ النَّخْلَةِ فِي الْبَيْعِ؛ فَلِهَذَا يَشْتَرِطُ فِيهِ ذِكْرُ الْأَصْلِ فَإِنْ قَطَعَهَا فَلَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا مَا بَدَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْضِ فَكَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُبْقِيَ الْأُولَى فِيهَا قَبْلَ الْقَطْعِ، فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ إلَيْهَا فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى الضَّرَرِ فَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى نَخْلَتِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى ضَرَرٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَأَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ فَإِنْ كَانُوا ذَكَرُوا فِي الْقِسْمَةِ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَهُ الطَّرِيقُ إلَى نَخْلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى شَرْطِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَلَا يَقْصِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا شَرْطَ الطَّرِيقِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الطَّرِيقَ إلَى نَخْلَتِهِ أَيْضًا.

وَإِذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ وَأَرْضٌ وَرَحَا مَاءٍ بَيْنَ نَفَرٍ فَاقْتَسَمُوهَا فَأَصَابَ رَجُلٌ الرَّحَّاءَ وَأَصَابَ الْآخَرُ أَقْرِحَةً مَعْلُومَةً وَأَصَابَ الْآخَرُ بُيُوتًا وَأَقْرِحَةً فَاقْتَسَمُوهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ فَأَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ أَنْ يَمُرَّ إلَى نَهْرِهِ فِي أَرْضِ قِسْمَةٍ فَمَنَعَهُ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَلَهُ الطَّرِيقُ إلَى نَهْرِهِ إذَا كَانَ نَهْرُهُ فِي وَسَطِ أَرْضِ هَذَا وَلَا يَخْلُصُ إلَيْهِ إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِنَهْرِهِ مَا لَمْ يَخْلُصْ إلَيْهِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى ذَلِكَ إلَّا فِي أَرْضِ قَسِيمِهِ وَقَدْ اشْتَرَطَ فِي الْقِسْمَةِ كُلَّ حَقٍّ هُوَ لَهَا فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إنَّمَا شَرَطَ ذَلِكَ لِأَجْلِ هَذَا الطَّرِيقِ وَالطَّرِيقُ بِالشَّرْطِ يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا لَهُ فِي نَصِيبِ قَسِيمِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ مُنْعَرِجًا مَعَ حَدِّ الْأَرْضِ لَهُ طَرِيقٌ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِي أَرْضِ هَذَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لِتَمْيِيزِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا مِنْ مِلْكِ الْآخَرِ وَتَمَامُ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَبْقَى لِأَحَدِهِمَا حَقٌّ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ وَإِتْمَامُ الْقِسْمَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مُمْكِنٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الطَّرِيقَ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَفِي الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>