مِنْهُمْ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ هَذَا فِي الْحَمَّامِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بِجِهَةٍ أُخْرَى بِأَنْ يَجْعَلُهُ بَيْتًا وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ مَقْصُودَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَمَّا فِي الْحَائِطِ إنْ رَضُوا بِالْقِسْمَةِ لِيَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ هَدْمٍ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ رَضُوا بِالْهَدْمِ وَقِسْمَةِ الْأَسْهُمِ لَمْ يُبَاشِرْ الْقَاضِي ذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ الْمِلْكِ وَلَكِنْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ لَا يَقْسِمُهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ إذَا كَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَلِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا أَنْ تَتَفَاوَتَ أَنْصِبَاؤُهُمْ وَكَانَ صَاحِبُ الْكَبِيرِ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَهُوَ الطَّالِبُ لِلْقِسْمَةِ فَحِينَئِذٍ يَقْسِمُهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مُتَظَلِّمٌ يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَ الْغَيْرَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ.
وَلَوْ كَانَ بِنَاءٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي أَرْضِ رَجُلٍ قَدْ بَنَيَا بِإِذْنِهِ، ثُمَّ أَرَادَ قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَلَهُمَا ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي، وَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْقَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فَالْأَرْضُ لِغَيْرِهِمَا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ فِي أَيْدِيهِمَا وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ كَذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالِانْتِفَاعِ بِمَا هُوَ مُسْتَعَارٌ لَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرٌ فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُكَلِّفَ صَاحِبَهُ رَفْعَ الْبِنَاءِ لَوْ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا فَلَا يَفْعَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ إذَا أَتَى أَحَدُهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ هَدْمَ الْبِنَاءِ فَفِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ إتْلَافُ الْمِلْكِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ إنْ أَرَادَا فِعْلَهُ لَمْ يَمْنَعْهُمَا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَخْرَجَهُمَا صَاحِبُ الْأَرْضِ هَدَمَاهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَهُ عَارِيَّةٌ فِي أَيْدِيهمَا وَلِلْمُعِيرِ فِي الْعَارِيَّةِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ مَتَى شَاءَ فَيُكَلِّفُهُمَا هَدْمَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ النَّقْضُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا فَيَفْعَلُهُ الْقَاضِي عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.
وَإِذَا كَانَ طَرِيقٌ بَيْنَ قَوْمٍ إنْ اقْتَسَمُوهُ لَمْ يَكُنْ لِبَعْضِهِمْ طَرِيقٌ وَلَا مَنْفَذٌ فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ قِسْمَتَهُ لَمْ أَقْسِمْهُ؛ لِمَا فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِقَطْعِ مَنْفَعَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَيَسْتَوِي إنْ كَرِهَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ أَوْ صَاحِبُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ التَّطَرُّقِ إلَى مِلْكِهِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَصَاحِبُ الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَوٍ بِصَاحِبِ الْكَثِيرِ وَفِي الْقِسْمَةِ تَفْوِيتُ هَذَا الْحَقِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْتِ فَهُنَاكَ الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِ الْبَيْتِ وَصَاحِبُ الْكَثِيرِ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَوٍ بِصَاحِبِ الْقَلِيلِ وَانْقِطَاعُ الْمَنْفَعَةِ عَنْهُ لِقِلَّةِ نَصِيبِهِ لَا لِأَجْلِ الْقِسْمَةِ؛ فَلِهَذَا قَسَّمَ الْقَاضِي هُنَاكَ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ وَهُنَا لَا يَقْسِمُ إذَا كَانَ فِي قِسْمَتِهِ ضَرَرٌ عَلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ فِي صِغَرٍ أَوْ أَنَّهُ لَا يَجِدُ طَرِيقًا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ نَافِذٌ قَسَمْتُهُ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ أَحَدُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِسْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute