للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْوِيتٌ لِمَنْفَعَةٍ عَلَى بَعْضِهِمْ بَلْ فِيهَا تَخْصِيصُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالِانْتِفَاعِ فِي مِلْكِهِ وَرَقَبَةُ الطَّرِيقِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ فَتَقْسِيمُهَا بِطَلَبِ بَعْضِهِمْ.

وَإِنْ كَانَ طَرِيقٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إنْ اقْتَسَمَاهُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ مَمَرٌّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْدِرُ أَنْ يَفْتَحَ فِي مَنْزِله بَابًا وَيَجْعَلَ طَرِيقَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ وَأَبَى الْآخَرُ قِسْمَتَهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْقِسْمَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّطَرُّقِ إلَى مِلْكِهِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ وَلَا فَرْقَ فِي حَقِّهِ بَيْنَ التَّطَرُّقِ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَبَيْنَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ.

وَإِذَا كَانَ مَسِيلُ مَاءٍ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ ذَلِكَ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ يَسِيلُ فِيهِ مَاؤُهُ سِوَى هَذَا قَسَمْتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ إلَّا بِضَرَرٍ لَمْ أَقْسِمْهُ وَهَذَا وَالطَّرِيقُ سَوَاءٌ فَالْمَقْصُودُ هُنَا الِانْتِفَاعُ بِتَسْيِيلِ الْمَاءِ وَهُنَاكَ بِالتَّطَرُّقِ وَلَا فَرْقَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ أَنْ يَسِيلَ مَاؤُهُ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ أَوْ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ إذَا كَانَ يَتَيَسَّرُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَإِنَّمَا شَرَطَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّ التَّصْوِيبَ قَدْ يَكُونُ مِنْ جَانِبٍ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ ذَلِكَ فِي جَانِبٍ آخَرَ بِلَا ضَرَرٍ.

وَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ صَغِيرَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ إنْ اقْتَسَمُوهَا لَمْ يَصِبْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ قِسْمَتَهَا لَمْ أَقْسِمْهَا وَهُوَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَيْتِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ.

وَإِنْ كَانَ حَانُوتٌ فِي السُّوقِ يَبِيعَانِ فِيهِ أَوْ يَعْمَلَانِ بِأَيْدِيهِمَا سَوَاءٌ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ، فَإِنِّي أَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعٌ يَعْمَلُ فِيهِ قَسَمْتُهُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ لَمْ أَقْسِمْهُ بَيْنَهُمَا لِمَعْنَى الضَّرَرِ.

وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فِي أَرْضٍ لِغَيْرِهِمْ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ الزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَدْرَكَ لَمْ أَقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يُحْصَدَ لَا بِالتَّرَاضِي وَلَا بِغَيْرِ التَّرَاضِي؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ مَالُ الرِّبَا فَلَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ مُجَازَفَةً إلَّا بِكَيْلٍ وَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْكَيْلِ قَبْلَ الْحَصَادِ، وَإِنْ كَانَ بَقْلًا لَمْ أَقْسِمْهُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ تَرْكِ نَصِيبِهِ بِغَيْرِ رِضَاءِ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ مِنْ الْأَرْضِ عَارِيَّةٌ لَهُمْ جَمِيعًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا فِي الْبَقْلِ أَنَّهُ يَجُزُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَصَابَهُ فَإِذَا اقْتَسَمُوهَا عَلَى هَذَا بِتَرَاضِيهِمْ أَجَزْتُهُ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ إتْلَافَ جُزْءٍ فَلَا يُبَاشِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَمْنَعُ الشُّرَكَاءَ مِنْهُ إنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَتْ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَرَادَا أَنْ يَقْتَسِمَا زَرْعَهَا دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَا تَرْكَهُ فِي الْأَرْضِ إلَى وَقْتِ الِادِّرَاكِ، وَإِنْ اشْتَرَطَا جَزَّ ذَلِكَ وَاجْتُمِعَا عَلَيْهِ أَجَزْتُهُ وَالْقِسْمَةُ فِي هَذَا كَالْبَيْعِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الزَّرْعِ قَبْلَ الِادِّرَاكِ بِشَرْطِ التَّرْكِ وَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ.

وَكَذَلِكَ طَلْعٌ فِي نَخْلٍ بَيْنَ قَوْمٍ إنْ اقْتَسَمُوا الطَّلْعَ عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا عَلَى النَّخْلِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ اقْتَسَمُوهُ عَلَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>