للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ وَرَأْسُ الْمَالِ، خَالِصُ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ، وَقَدْ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ سِوَى الْعَبْدِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ تَلِفَ كُلُّهُ بِإِتْلَافِ رَبِّ الْمَالِ.

وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ اشْتَرَى بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَأَعْتَقَهُ الْمُضَارِبُ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ رَبُّ الْمَالِ جَازَ عِتْقُهُ وَصَارَ مُسْتَوْفِيًا لِرَأْسِ الْمَالِ بِعِتْقِهِ فَتَبْقَى الْخَمْسُمِائَةِ رِبْحًا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ فَيَقْسِمَانِهَا نِصْفَيْنِ.

وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِالْأَلْفِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَأَعْتَقَهُ الْمُضَارِبُ جَازَ عِتْقُهُ فِي رُبْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَفِيهِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَيَمْلِكُ الْمُضَارِبُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَذَلِكَ رُبْعُ الْعَبْدِ فَإِنَّ نِصْفَهُ مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ رِبْحٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِعْتَاقُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ صَحِيحٌ فِي حِصَّتِهِ، ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلِرَبِّ الْمَالِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِيهَا، وَبَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهُ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْعِتْقَ يَتَجَزَّأُ، وَعِنْدَهُمَا قَدْ عَتَقَ كُلُّهُ وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا.

وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْعَتَاقِ، وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ جَازَ عِتْقُهُ فِي رُبْعِهِ، وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيُضَمَّنُ الْمُضَارِبَ تَمَامَ رَأْسِ مَالِهِ خَمْسَمِائَةٍ وَنِصْفِ الرِّبْحِ وَهُوَ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَيَرْجِعُ الْمُضَارِبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْعَبْدِ بِجَمِيعِ مَا ضَمِنَ وَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَيَرْجِعُ الْمُضَارِبُ أَيْضًا عَلَى الْعَبْدِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَسْتَسْعِيهِ فِيهَا وَذَلِكَ تَمَامُ مَا كَانَ وَجَبَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ إنَّمَا نَفَذَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَذَلِكَ رُبْعُ الْعَبْدِ، فَالْعَبْدُ كَأَنَّهُ جَمِيعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ مَا سِوَاهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِذَا نَفَّذَ عِتْقُهُ فِي رُبْعِهِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ، أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَضَمِنَ الْمُضَارِبُ الْخَمْسَمِائَةِ الْأُخْرَى مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ تَمَامَ رَأْسِ مَالِهِ، وَظَهَرَ أَنَّ الرِّبْحَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ، وَهُوَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، فَيَغْرَمُ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ حِصَّتَهُ، وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَقَدْ أَتْلَفَ مِنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ بِالْإِعْتَاقِ خَمْسَمِائَةٍ فَإِنَّمَا بَقِيَ لَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِمَا ضَمِنَ لِرَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِهِ، وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا ضَمِنَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ فَيَسْتَسْعِيهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ السَّاكِتِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ لِلسَّاكِتِ أَنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ لِلْمُعْتِقِ إذَا ضَمِنَ؛ وَلِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>