للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى شِرْبٍ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ عَلَى أَرْضٍ، وَشِرْبٍ لَمْ يَجُزْ أَمَّا الشِّرْبُ بِغَيْرِ أَرْضٍ فَلَا يُسْتَحَقُّ بِالتَّسْمِيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فِي الْأَرْضِ مَعَ الشِّرْبِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ مِمَّا لَا يُسْتَحَقُّ دَيْنًا بِشَيْءٍ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا بِعَيْنِهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ يَسْتَدْعِي تَسْمِيَةَ الْبَدَلِ فَتَسْمِيَةُ عَيْنٍ هُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا كَالْبَيْعِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ عِنْدَ الْكِتَابَةِ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى فَإِنَّمَا يَصِيرُ هُوَ أَحَقُّ بِكَسْبِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ الْمَوْلَى مُبَادَلَةَ مِلْكِهِ بِمِلْكِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ أَرْضِهِ، وَثُلُثِ شِرْبِهِ، وَشَهِدَ آخَرُ بِثُلُثِ شِرْبِهِ دُونَ أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِثُلُثِ الشِّرْبِ لَهُ لِاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ لَفْظًا، وَمَعْنًى، وَلَيْسَ لَهُ فِي ثُلُثِ الْأَرْضِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ شِرْبِهِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ الْفُقَرَاءِ أَوْ فِي الرِّقَابِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ صَرْفَ الْمُوصَى بِهِ إلَى هَذِهِ الْجِهَاتِ يَكُونُ بِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ أَوْ بِالْبَيْعِ، وَصَرْفِ الثَّمَنِ إلَيْهَا، وَالشِّرْب لَا يَحْتَمِل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ حَقِّهِ فِي النَّهْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى مَعَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ يَعْنِي أَرْضَ النَّهْرِ، وَهُوَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ مَعَ الْأَرْضِ.

وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَرْضٌ، وَشِرْبٌ فَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ بِأَلْفٍ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ أَنَّهُ اشْتَرَى الشِّرْبَ، وَالْأَرْضَ بِأَلْفٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْأَرْضَ، وَحْدَهَا بِغَيْرِ شِرْبٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شِرْبًا فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُكَذِّبُ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بِالشِّرْبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ عَلَى شِرَاءِ الشِّرْبِ مَعَ الْأَرْضِ وَاحِدٌ، وَالْمُدَّعِي غَيْرُ رَاضٍ بِالْتِزَامِ الْأَلْفِ بِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِدُونِ الشِّرْبِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الثَّانِي شَهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا أَوْ بِمَرَافِقِهَا أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَهُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا جَازَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشِّرْبَ يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الْأَرْضِ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْعِبَارَةِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِشَهَادَتِهِمَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ، وَالْآخَرُ بِالنِّحْلَةِ، وَلَوْ جَحَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ، وَادَّعَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ بَاعَهَا بِأَلْفٍ بِغَيْرِ شِرْبٍ فَزَادَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ الشِّرْبَ أَوْ الْحُقُوقَ أَوْ الْمَرَافِقَ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُكَذِّبٌ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ.

وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ شِرْبًا بِأَمَةٍ، وَقَبَضَهَا فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْقَبْضِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَلَمْ يُذْكَرْ الْعُقْرُ هُنَا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ خُصُوصًا فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهَا بِأَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَوْ وَطِئَهَا رَجُلٌ بِشُبْهَةٍ، وَأَخَذَ بَائِعُ الشِّرْبِ الْمَهْرَ أَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>