جَمِيعًا لِاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمِائَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ يَدَّعِي الْمِائَةَ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَعَمِلَا بِهَا وَرَبِحَا رِبْحًا، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا نِصْفَ الرِّبْحِ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا الثُّلُثَ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ الرِّبْحِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالشَّرْطِ، فَهُمَا يَدَّعِيَانِ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ، وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ أَقَامَا شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ الرِّبْحِ، وَالْآخَرُ بِثُلُثِ الرِّبْحِ، فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَفْظًا، يَكُونُ لِلْمُضَارِبَيْنِ أَجْرُ مِثْلِهِمَا فِيمَا عَمِلَا؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَقَرَّ لَهُمَا بِذَلِكَ فَيَأْخُذَانِ ذَلِكَ مِنْهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيَانِهِ، وَعِنْدَهُمَا الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ لِلْمُضَارِبِ الَّذِي ادَّعَى نِصْفَ الرِّبْحِ، وَيَكُونُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ سُدُسُهُ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْأَكْثَرِ، فَلَا يَكُونُ مُكَذِّبًا أَحَدَ شَاهِدَيْهِ، وَلَكِنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ لَهُ فِي مِقْدَارِ مَا اتَّفَقَ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِ مَعْنًى، وَهُوَ سُدُسُ الرِّبْحِ، وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذِّبًا أَحَدَ شَاهِدَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ.
فَإِذَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا لَهُ؛ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَمَا أَقَرَّ بِهِ رَبُّ الْمَالِ وَمِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ الصَّغِيرَةِ قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ خَادِمًا، ثُمَّ هَلَكَتْ الْأَلْفُ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَنَقَدَهَا ثُمَّ بَاعَ الْخَادِمَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا مَتَاعًا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَيُؤَدِّي مِنْ عِنْدِهِ خَمْسَمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ رَجَعَ بِمِثْلِ الْأَلْفِ الَّتِي هَلَكَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَقَدْ لَحِقَ رَبَّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَصَارَ رَأْسُ مَالِهِ أَلْفَيْنِ فَلَمَّا بَاعَ الْغُلَامَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ فَأَلْفَانِ مِنْ ذَلِكَ مَشْغُولَانِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَأَلْفٌ رِبْحٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَحِينَ اشْتَرَى بِهَا مَتَاعًا كَانَ هُوَ فِي الشِّرَاءِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ عَامِلًا لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ فَيَغْرَمُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَفِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، وَحِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، فَإِنْ بَاعَ الْمَتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ كَانَ لِلْمُضَارِبِ سُدُسُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ سُدُسَ الْمَتَاعِ كَانَ مَمْلُوكًا، فَقَدْ نَقَدَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ سُدُسُ الثَّمَنِ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ يَسْتَوْفِي مِنْهَا رَبُّ الْمَالِ مَا غَرِمَ فِي الْمَرَّاتِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَالْبَاقِي رِبْحٌ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا عَمِلَ الْوَصِيُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ فَوَضَعَ أَوْ رَبِحَ، فَقَالَ عَمِلْتُ بِهِ مُضَارَبَةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي حَالِ الْوَضِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسَلَّطًا عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute