فَهُوَ بِهِ مُسْتَوْجِبٌ لِلْقَتْلِ غَيْرُ مُسْتَوْجِبٍ لِلْإِبْقَاءِ، وَكَمَا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى الذِّمِّيِّ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمِ أَبٌ ذِمِّيٌّ مُعْسِرٌ فَفِي الْقِيَاسِ لَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا مُنْقَطِعٌ، فَكَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَهُوَ نَظِيرُ سَائِرِ الْأَقَارِبِ حَتَّى لَا يَسْتَوْجِبُوا النَّفَقَةَ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فِي حَقِّ الْأَبِ الذِّمِّيِّ وَالْأُمِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَهَذَا فِي الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {، وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} [لقمان: ١٥] وَلَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَتْرُكَهُمَا يَمُوتَانِ جُوعًا، ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ فِيمَا بَيْنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ وَذَلِكَ مُتَحَقِّقٌ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا بِسَبَبِ الْوِرَاثَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] وَبِاخْتِلَافِ الدِّينِ يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ وَبِمَعْرِفَةِ حُدُودِ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّرْعِ يَحْسُنُ الْفِقْهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَحُرْمَةِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ شَرْعًا لَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ.
(قَالَ:) رَجُلٌ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ النَّفَقَةِ كَانَ لَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْعِتْقُ مُنَافٍ لِلْمِلْكِ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ نَظِيرُ الْعِدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِالْحَيَاةِ وَالْوَفَاةِ وَبِمِثْلِ هَذِهِ الْعِدَّةِ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ
(قَالَ:) وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ نِكَاحَ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَهَا الْمُسَمَّى مِنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ كَانَ صَحِيحًا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهُوَ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي إقْرَارِهِ بِالْحُرْمَةِ فِي حَقِّهَا وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِإِبْطَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا فَيُجْعَلُ هَذَا فِي حَقِّهَا كَالطَّلَاقِ فَلَهَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ
(قَالَ:) وَاَلَّتِي زَوَّجَهَا عَمُّهَا إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَلَهَا النَّفَقَةُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا بِسَبَبِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ كَانَ صَحِيحًا يَتَوَارَثَانِ بِهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْفُرْقَةُ إذَا جَاءَتْ بِسَبَبِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَا تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا
(قَالَ:) وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا النَّفَقَةَ فَأَعْطَاهَا فَسُرِقَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَرَّةً أُخْرَى مَا لَمْ يَمْضِ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ حَقَّ نَفْسِهَا فَدَخَلَ الْمُسْتَوْفِي فِي ضَمَانِهَا كَمَا إذَا اسْتَوْفَتْ الْمَهْرَ وَيَكُونُ الْهَلَاكُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهَا دُونَ الزَّوْجِ وَلَوْ أَرْسَلَ بِهَا إلَيْهَا رَسُولًا فَقَالَ الرَّسُولُ قَدْ أَعْطَيْتهَا إيَّاهَا وَجَحَدَتْ هِيَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ الزَّوْجِ نَائِبُهُ فَدَعْوَاهُ أَنَّهُ أَعْطَاهَا كَدَعْوَى الزَّوْجِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute