الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَنَّ الْأُخْتَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَخِ إنَّمَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِالْأَخِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ابْنَةً كَانَتْ عَصَبَةً بِالْأَخِ فَكَذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الِابْنَةِ وَهُنَا لَوْ لَمْ تُوجَدْ الِابْنَةُ مَا كَانَتْ الْأُخْتُ عَصَبَةً بِالْجَدِّ. فَكَذَلِكَ مَعَ الِابْنَةِ.
وَالْفَصْلُ الثَّامِنُ إذَا تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَجَدًّا فَعَلَى قَوْلِ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ لِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ لِلْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] وَالنُّقْصَانُ عَمَّا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ الْأُمُّ أَقْرَبُ مِنْ الْجَدِّ بِدَرَجَةٍ وَالْأَقْرَبُ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يَجُوزُ تَفْضِيلُهُ عَلَى الْأَبْعَدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ النُّقْصَانَ دُونَ الْحِرْمَانِ وَيَجُوزُ حِرْمَانُ الْجَدِّ فِي مَوْضِعٍ تَرِثُ الْأُمُّ فِيهِ الثُّلُثَ وَهُوَ حَالَ حَيَاةِ الْأَبِ فَلَأَنْ يَجُوزَ نُقْصَانُ نَصِيبِ الْجَدِّ عَنْ نَصِيبِ الْأُمّ كَانَ أَوْلَى وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ اسْمَ الْأَبِ ثَابِتٌ لِلْجَدِّ وَلَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَلَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ نِصْفَانِ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ تَفْضِيلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ بِسَبَبِ الْوَلَاءِ. فَأَمَّا بَعْدَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ كَمَا فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ مَعَ الِابْنِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ فِي جَانِبِ الْجَدِّ فَضِيلَةَ الْأُبُوَّةِ وَالْبَعْدَ بِدَرَجَةٍ، وَفِي جَانِبِ الْأُمِّ فَضِيلَةَ الْقُرْبِ بِدَرَجَةٍ وَنُقْصَانَ الْأُبُوَّةِ فَاسْتَوَيَا فَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ يَدُورُ عَلَى سِتَّةِ مَسَائِلَ فَمَنْ أَحْكَمَ أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ فِيهَا يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ تَخْرِيجُ مَا سِوَاهَا وَالْمَسَائِلُ السِّتُّ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَرَوَاهَا عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ الشَّعْبِيِّ إحْدَاهَا مَسْأَلَةُ الْخَرْقَاءِ وَصُورَتُهَا أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَجَدٌّ وَأُمٌّ فَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى سِتِّ أَقَاوِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ وَعَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ بِالْفَرْضِيَّةِ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَعَلَى قَوْلِ زَيْدٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ فِي رِوَايَةٍ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ نَصِيبَ الْجَدِّ ضِعْفَ نَصِيبِ الْأُمِّ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَانِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى تَفْضِيلَ الْأُمِّ عَلَى الْجَدِّ وَيَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا وَالسَّادِسُ قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْمَالَ بَيْنَ ثَلَاثَتِهِمْ أَثْلَاثًا وَجَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مَحْفُوظٌ عَنْ عُثْمَانَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأُمَّ تَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ بِالنَّصِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أُمٌّ لَكَانَ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ بِالْفَرِيضَةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْجَدِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute