وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَمِمَّنْ قَالَ إنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَمِمَّنْ قَالَ بِتَوْرِيثِهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَعِيسَى بْنُ أَبَانَ وَأَهْلُ التَّنْزِيلِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَمِمَّنْ قَالَ لَا يَرِثُونَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَمَّا مَنْ نَفَى تَوْرِيثَهُمْ اسْتَدَلَّ بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ فَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا عَلَى بَيَانِ سَبَبِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَالْعَصَبَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَوِي الْأَرْحَام شَيْئًا وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وَأَدْنَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يَكُونَ تَوْرِيثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ زِيَادَةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ.
«وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَخْبَرَنِي أَنْ لَا مِيرَاثَ لِلْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى قُبَاءَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي مِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا» وَمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِهِمْ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٥] مَعْنَاهُ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا إثْبَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْوَصْفِ الْعَامِّ وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْوَصْفِ الْعَامِّ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْوَصْفِ الْخَاصِّ فَفِي حَقِّ مَنْ يَنْعَدِمُ فِيهِ الْوَصْفُ الْخَاصُّ يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْوَصْفِ الْعَامِّ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ» وَلَمَّا مَاتَ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمُنْقِرِيِّ هَلْ تَعْرِفُونَ لَهُ فِيكُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: إنَّهُ كَانَ فِينَا مَيِّتًا فَلَا نَعْرِفُ لَهُ فِينَا إلَّا ابْنُ أُخْتٍ» فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيرَاثَهُ لِابْنِ أُخْتِهِ أَيْ لِخَالِهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنْذِرِ وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ مِنْ نَفْيِ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ فِي حَالِ وُجُودِ صَاحِبِ فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِلْفَرِيقَيْنِ مِثْلُ الْكَلَامِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا ثَمَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا بِالْفَرِيضَةِ وَالْعُصُوبَةِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيمَنْ يَكُونُ مُقَدَّمًا مِنْهُمْ فَرَوَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَدَّ أَبَ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ذَكَرَ أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْجَدِّ أَبِ الْأُمِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ بِالرَّحِمِ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعُصُوبَةِ، وَلِهَذَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَيَسْتَحِقُّ الْأَقْرَبُ جَمِيعَ الْمَالِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْعُصُوبَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute