للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبُنُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ وَابْنُ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ فَكَذَلِكَ فِي مَعْنَى الْعُصُوبَةِ يُقَدَّمُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ عَلَى الْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ. وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَدَّ أَبَ الْأَبِ أَقْوَى سَبَبًا مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْأُنْثَى فِي دَرَجَتِهِ تَكُونُ صَاحِبَةَ فَرْضٍ وَهِيَ أُمُّ الْأُمِّ بِخِلَافِ الْأُنْثَى فِي دَرَجَةِ ابْنِ الْبِنْتِ، وَلِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُ الْأُنْثَى الَّتِي تُدْلِي بِالْجَدِّ أَبِ الْأُمِّ صَاحِبَةَ فَرْضٍ وَهِيَ أُمُّ أَبٍ لِأُمٍّ وَلَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُ الْأُمِّ مُقَدَّمٌ عَلَى بَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ تُقَدَّمُ بَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ عَلَى الْجَدِّ أَبِ الْأُمِّ، وَهَذَا لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِي حَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ الْجَدُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِخْوَةِ فَكَذَلِكَ فِي مَعْنَى الْعُصُوبَةِ يُقَدَّمُ الْجَدُّ عَلَى بَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَعِنْدَهُمَا يُسَوَّى فِي حَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ إلَّا أَنَّ هُنَا قَدَّمُوا بَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادَ الْأَخَوَاتِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُدْلِي بِالْأَبِ وَالْجَدُّ أَبُ الْأُمِّ يُدْلِي بِالْأُمِّ فَفِي حَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ يُعْتَبَرُ الْإِدْلَاءُ بِالذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى فَفِي مَعْنَى الْعُصُوبَةِ تَقَدَّمَ الْإِدْلَاءُ بِالْأَبِ عَلَى الْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ ثُمَّ الَّذِي يُوَرِّثُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَصْنَافٌ ثَلَاثَةٌ صِنْفٌ مِنْهُمْ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْقَرَابَةِ وَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَعِيسَى بْنُ أَبَانَ وَإِنَّمَا سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَصِنْفٌ مِنْهُمْ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ التَّنْزِيلِ وَهُمْ عَلْقَمَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَمَسْرُوقٌ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُنْزِلُونَ الْمُدْلِيَ مَنْزِلَةَ الْمُدْلَى بِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا تَرَكَ ابْنَةَ ابْنَةٍ وَابْنَةَ أُخْتٍ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ الْمَالُ لِابْنَةِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ وَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَرَكَ ابْنَةً وَأُخْتًا. وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الرَّحِمِ مِنْهُمْ حَسَنُ بْنُ مُيَسَّرٍ وَنُوحُ بْنُ ذِرَاحٍ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنَ الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَثَبَتُوا الِاسْتِحْقَاقَ بِأَصْلِ الرَّحِمِ.

ثُمَّ كُلُّ فَرِيقٍ يَزْعُمُ أَنَّ مَذْهَبَهُ مُوَافِقٌ لِمَا نُقِلَ فِي الْبَابِ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَالْمَنْقُولُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا - مَا ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ عَمَّةً وَخَالَةً أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثَانِ لِلْعَمَّةِ وَالثُّلُثُ لِلْخَالَةِ فَزَعَمَ أَهْلُ التَّنْزِيلِ أَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّ الْعَمَّةَ تُدْلِي بِالْأَبِ فَأَنْزَلَهَا مَنْزِلَةَ الْأَبِ وَالْخَالَةَ تُدْلِي بِالْأُمِّ فَأَنْزَلَهَا مَنْزِلَةَ الْأُمِّ قَالَ أَهْلُ الْقَرَابَةِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِنَا مِنْ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ فَإِنَّ الْعَمَّةَ قَرَابَتُهَا قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُبُوَّةُ تَسْتَحِقُّ بِالْفَرْضِيَّةِ وَبِالْعُصُوبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>