للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أَزِدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يَدَّعِي قَبْلَهُ الْغَلَطَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ أَصَابَنِي أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ وَمِائَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ أَصَابَنِي أَلْفٌ وَأَصَابَكَ أَلْفٌ فَقَبَضْتَ أَنْتَ أَلْفًا وَمِائَةً وَقَبَضْتُ تِسْعَمِائَةٍ تَحَالَفَا وَتَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبَضَ أَلْفًا وَمِائَةً وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ نَصِيبِهِ بِالْقِسْمَةِ فَالْمُدَّعِي يَقُولُ: نَصِيبُك أَلْفٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُولُ: نَصِيبِي أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَالِاخْتِلَافُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُوجِبُ التَّحَالُفَ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِ الْمِائَةِ هُنَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْلَافِهِ وَقَدْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا؛ فَلِهَذَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ قَبَضْتُهَا فَقَبَضْتُهَا لَمْ أَنْقُضْ الْقِسْمَةَ وَأُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ قِبَلَهُ الْفَضْلَ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى انْتِهَاءِ الْقِسْمَةِ بِقَبْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَمَامَ نَصِيبِهِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْغَصْبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَهَذَا هُوَ الْحَرْفُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْفُصُولُ أَنَّ الْقِسْمَةَ حِيَازَةٌ وَتَمَامُهَا بِالْقَبْضِ فَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى قَبْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَمَامَ نَصِيبِهِ بِالْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ التَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا.

وَلَوْ اقْتَسَمَا مِائَةَ شَاةٍ فَصَارَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا سِتُّونَ وَفِي يَدِ الْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْبَعُونَ: أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا خَمْسُونَ وَتَقَابَضْنَا، ثُمَّ غَصَبَنِي عَشْرًا بِأَعْيَانِهَا وَخَلَطْتَهُمَا بِغَنَمِكَ فَهِيَ لَا تُعْرَفُ وَجَحَدَ ذَلِكَ الْآخَرُ الْغَصْبَ، وَقَالَ: بَلْ أَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَنْتَ أَرْبَعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبَضَ كَمَالَ حَقِّهِ بِالْقِسْمَةِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْغَصْبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ أَصَابَنِي خَمْسُونَ فَدَفَعْتَ إلَيَّ أَرْبَعِينَ وَبَقِيَ فِي يَدِكَ عَشَرَةٌ لَمْ تَدْفَعْهَا إلَيَّ، وَقَالَ الْآخَرُ أَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَصَابَك أَرْبَعُونَ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ مَا أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي فِي يَدِهِ سِتُّونَ لِإِقْرَارِ صَاحِبِهِ بِاسْتِيفَاءِ كَمَالِ حَقِّهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ مُنَاقِضٌ فِي الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَبِالدَّعْوَى مَعَ التَّنَاقُضِ لَا يَسْتَحِقُّ الْيَمِينَ عَلَى الْخَصْمِ

فَإِنْ ادَّعَى الْغَصْبَ بَعْدَ الْقَبْضِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْغَصْبِ مِنْهُ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَلَا تَنَاقُضَ فِيهَا فَيَسْتَوْجِبُ فِيهَا الْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِالْوَفَاءِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْبَعُونَ كَانَتْ غَنَمُ وَالِدِي مِائَةَ شَاةٍ فَأَصَابَنِي خَمْسُونَ وَأَصَابَكَ خَمْسُونَ وَتَقَابَضْنَا، ثُمَّ غَصَبَنِي عَشْرًا وَهِيَ هَذِهِ، وَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ السِّتُّونَ بَلْ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>