صَارَ النَّوْعُ مَعْلُومًا وَإِذَا قَالَ: جَذَعٌ أَوْ ثَنِيٌّ يَصِيرُ السِّنُّ مَعْلُومًا وَإِذَا قَالَ: ثَمِينٌ تَصِيرُ الصِّفَةُ مَعْلُومَةً وَإِعْلَامُ الشَّيْءِ مِنْ الْأَعْيَانِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَشَرْطُ جَوَازِ الْعَقْدِ إعْلَامُ الْعَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ جَوَازُ نَفْعٍ فِي الْمَالِيَّةِ كَمَا فِي الذَّبَائِحِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ اسْتَوْصَفُوا الْبَقَرَةَ فَوَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ وَأَدْرَكُوهَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ حَيْثُ قَالُوا: {الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة: ٧١] وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصِفُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بَيْنَ يَدَيْ امْرَأَتِهِ حَتَّى كَأَنَّهَا تَنْظُرُ إلَيْهِ» فَقَدْ جَعَلَ الْمَوْصُوفَ مِنْ الْحَيَوَانِ كَالْمَرْئِيِّ
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَهْرًا وَأَنَّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ فِي الْحَيَوَانِ تُسْمَعُ بِذِكْرِ الصِّفَةِ فَدَلَّ أَنَّهَا تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِذِكْرِ الْوَصْفِ بِخِلَافِ اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ فَالسَّلَمُ فِي الصِّغَارِ مِنْ اللَّآلِئِ يَجُوزُ وَزْنًا أَمَّا الْكِبَارُ مِنْهَا فَلَا يُمْكِنُ إعْلَامُهَا لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ التَّدْوِيرَ وَالصَّفَاءَ وَالْمَاءَ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْلُومٌ يُوقَفُ عَلَيْهِ فَإِذَا بَالَغَ فِي بَيَانِهِ يَصِيرُ بِذَلِكَ عَدِيمَ النَّظِيرِ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ مَهْرًا فِي الذِّمَّةِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ» وَفِي الْكِتَابِ قَالَ: (بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ) وَإِنَّمَا فُسِّرَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى زَيْدِ بْنِ خُلَيْدَةَ فَأَسْلَمَهَا زَيْدٌ إلَى عَتْوِيسَ بْنِ عُرْقُوبٍ فِي قَلَانِصَ مَعْلُومَةٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اُرْدُدْ مَالَنَا لَا نُسْلِمُ أَمْوَالَنَا فِي الْحَيَوَانِ وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ مِنْ الرِّبَا أَبْوَابًا لَا يَكَدْنَ يَخْفَيْنَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهَا السَّلَمُ فِي السِّنِّ وَقَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيلَ آثَارِهِمْ وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ بَكْرًا فَالْمُرَادُ اسْتَعْجَلَ فِي الصَّدَقَةِ ثُمَّ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِهَا فَرَدَّهَا رُبَاعِيًّا أَوْ اسْتَقْرَضَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لِبَيْتِ الْمَالِ حَقٌّ مَجْهُولٌ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي مَجْهُولٍ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي الْحَلَقَاتِ أَوْ الْجَوَاهِرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَشَرْطُ جَوَازِ الْعَقْدِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَجْهُولًا وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا الْخَصْمُ يَبْقَى تَفَاوُتٌ عَظِيمٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَإِنَّكَ تَجِدُ فَرَسَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي السِّنِّ وَالصِّفَةِ ثُمَّ تَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِأَضْعَافِ مَا تَشْتَرِي بِهِ الْآخَرَ لِتَفَاوُتٍ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعَانِي الْبَاطِنَةِ كَالْهَمْلَجَةِ وَشِدَّةِ الْعَدْوِ وَكَذَلِكَ فِي الْبَعِيرَيْنِ وَهَذَا فِي بَنِي آدَمَ لَا يَخْفَى فَإِنَّ الْعَبْدَيْنِ وَالْأَمَتَيْنِ يَتَسَاوَيَانِ فِي السِّنِّ وَالصِّفَةِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْمَالِيَّةِ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الذِّهْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute