للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَهُوَ وَارِثُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَعْتِقُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ الْعَتَاقُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا الْعَتَاقُ، أَمَّا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ إلَّا بَعْدَ الْمِلْكِ كَمَا أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَقَعُ إلَّا بَعْدَ الْمِلْكِ، وَقَدْ عَلَّقَهُمَا الْحَالِفُ بِمَوْتِ فُلَانٍ وَاَلَّذِي ثَبَتَ بِمَوْتِ فُلَانٍ زَوَالُ مِلْكِهِ ثُمَّ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَوَانُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مَعَ وُقُوعِ الْمِلْكِ، وَحَالُ وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلزَّوْجِ فِي رَقَبَتِهَا لَيْسَ بِحَالِ اسْتِقْرَارِ النِّكَاحِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَرِنُ بِوُقُوعِ الْمِلْكِ، وَأَوَانُ نُفُوذِ الْعِتْقِ مَا بَعْدَ الْمِلْكِ، وَأَمَّا زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَيْسَ بِحَالِ اسْتِقْرَارِ النِّكَاحِ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حَلَفَ بِالْعِتْقِ فِي الْمِلْكِ وَالشَّرْطِ ثُمَّ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّرْطِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى الْمُورَثِ وَكَمَا مَاتَ الْمُورَثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى الْوَارِثِ فَيَقَعُ الْعِتْقُ.

وَلَا يُعْتَبَرُ تَخَلُّلُ زَوَالِ الْمِلْكِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ أَوَانَ نُزُولِهِ بَعْدَ الْمِلْكِ يَصِيرُ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَوَرِثْتُك وَلَا يُدْرَجُ مِثْلُ هَذَا فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ الطَّلَاقَ، وَالْإِدْرَاجُ لِلتَّصْحِيحِ لَا لِلْأَبْطَالِ أَوْ يُدْرَجُ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَقَعَ الْعِتْقُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ.

وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا بَاعَك فُلَانٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَبَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ بَيْعُ فُلَانٍ إيَّاهَا وَبَيْعُ فُلَانٍ مِنْ الْحَالِفِ سَبَبٌ لِزَوَالِ مِلْكِهِ فَأَمَّا وُقُوعُ الْمِلْكِ لِلْحَالِفِ بِشِرَائِهِ لَا بِبَيْعِ فُلَانٍ فَلِهَذَا لَا تَعْتِقُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إذَا وَهَبَك لِي فُلَانٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَبَاعَهَا مِنْ فُلَانِ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَوْدَعَهَا الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ: هَبْهَا لِي فَقَالَ: هِيَ لَك أَنَّهَا لَهُ؟ وَهَذَا قَبُولٌ وَلَا تَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْهِبَةَ وَقَعَا وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهَا بِالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ فَكَانَ الْعِتْقُ مُتَّصِلًا بِزَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ أَوْ مُقْتَرِنًا بِوُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْحَالِفِ، وَلَا يُنَفَّذُ الْعِتْقُ إلَّا بَعْدَ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ.

وَإِنْ قَالَ: إذَا وَهَبَك فُلَانٌ مِنِّي فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَهَبَهَا مِنْهُ وَهُوَ قَابِضٌ لَهَا عَتَقَتْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إذَا بَاعَك فُلَانٌ مِنِّي فَأَنْتِ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ فِي حَقِّهِ وَإِضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ كَإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِ الْمِلْكِ

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: يَا فُلَانٌ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك عَشْرَةَ أَيَّامٍ، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَاَللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>