مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ أَمْ لَا؟ فَإِنَّمَا قَالَ الْآمِرُ: يَبْدَأُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَى فَيَقُولُ: أَخَذْت مِنْك بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ لَهُ لَوْ بَدَأَ قَالَ: بِعْتهَا مِنْك رُبَّمَا لَا يَرْغَبُ الْآمِرُ فِي شِرَائِهَا وَيَسْقُطُ خِيَارُ الْمَأْمُورِ بِذَلِكَ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي أَنْ يَبْدَأَ الْآمِرُ حَتَّى إذَا قَالَ الْمَأْمُورُ: هِيَ لَك بِذَلِكَ، ثُمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ الْآمِرُ فِي شِرَائِهَا يُمَكِّنُ الْمَأْمُورَ مِنْ رَدِّهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَيَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهُ بِذَلِكَ
رَجُلٌ حَلَفَ يُعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَأَرَادَ أَنْ يُعْتِقَ وَيَجُوزَ عَنْ ظِهَارِهِ قَالَ يَقُولُ الرَّجُلُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ لِلْآمِرِ، فَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ تَصْحِيحِ الْعِتْقِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِطَرِيقِ الْإِضْمَارِ وَالْمَقْصُودُ بِالْإِضْمَارِ تَصْحِيحُ الْكَلَامِ فَفِيمَا يَرْجِعُ إلَى تَصْحِيحِ الْكَلَامِ يَظْهَرُ حُكْمُ الْمُضْمَرِ، وَلَا يَظْهَرُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَلَا يَصِيرُ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى مَوْجُودًا بِهَذَا اللَّفْظِ فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ، كَمَا أَوْجَبَهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَصِيرُ رِوَايَةً فِي فَصْلٍ، وَهُوَ مَنْ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ: إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ صَارَ مُسْتَحَقًّا بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ، وَلَا يَمْلِكُ إبْدَالَهُ بِغَيْرِهِ فَعِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ إنَّمَا يُعْتَقُ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ نِيَّةُ الظِّهَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَكَلَّفَ فِي هَذَا الْفَصْلِ فَقَالَ: يَقُولُ الرَّجُلُ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا، وَلَوْ كَانَ هُوَ يُمْكِنُهُ إعْتَاقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ لَقَالَ: إنَّهُ يَقُولُ لِهَذَا الْمَمْلُوكِ: إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ثُمَّ يَشْتَرِيهِ فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ هَكَذَا عَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُعْتَقَ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً
امْرَأَةٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَحَلَفَ مَا لَهَا عَلَيْهِ حَقٌّ فَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا قَدْ انْقَضَتْ تُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ نَفَقَةً بِقَدْرِ دَيْنِهَا قَالَ يَسَعُهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ ظَفِرَتْ بِجِنْسِ حَقِّهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَكَذَلِكَ إنْ تَمَكَّنَتْ مِنْ الْأَخْذِ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الزَّوْجَ، وَإِنْ كَانَ يُعْطِيهَا بِطَرِيقِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَهِيَ إنَّمَا تَسْتَوْفِي بِحِسَابِ دَيْنِهَا وَلَهَا حَقُّ اسْتِيفَاءِ مَالِ الزَّوْجِ بِحِسَابِ دَيْنِهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْهُ فَإِنْ حَلَّفَهَا الْقَاضِي عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَحَلَفَتْ تَعْنِي بِهِ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ وَسِعَهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا مَتَى كَانَتْ مَظْلُومَةً تُعْتَبَرُ نِيَّتُهَا، فَإِذَا حَلَفَتْ مَا انْقَضَتْ عِدَّتِي تَعْنِي بِهِ عِدَّةَ عُمْرِهَا وَسِعَهَا ذَلِكَ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لَهُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقْرِضَهُ رَبُّ الْمَالِ الْمَالَ إلَّا دِرْهَمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute