للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يُشَارِكَهُ بِذَلِكَ الدِّرْهَمِ فِيمَا أَقْرَضَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا فَمَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى كَذَا، وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْمُسْتَقْرَضِ مُتَمَلِّكًا ثُمَّ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا مَعَ التَّفَاوُتِ فِي رَأْسِ الْمَالِ صَحِيحٌ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ عَلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ وَيَسْتَوِي إنْ عَمَلًا جَمِيعًا أَوْ عَمِلَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَرَبِحَ، فَإِنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَضَ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْمُضَارِبِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ الْمُسْتَقْرِضُ إلَى الْمُقْرِضِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ الْمُقْرِضُ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِضَاعَةً فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ بِضَاعَةً كَدَفْعِهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ صَاحِبُ الْمَالِ، وَهُوَ فِي عَمَلِهِ فِي مِلْكِهِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ فَهَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ خَاصَّةً فَالْمَالُ كُلُّهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ عَلَى جِهَةِ الْقَرْضِ ثُمَّ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ، وَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِ الْمُضَارَبَةِ فَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْحِيلَةُ هِيَ الْأَوْلَى

قَالَ: وَسَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَهَا جَارُهَا بِالشُّفْعَةِ فَاشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ مِنْ صَاحِبِهَا ثُمَّ أَعْطَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ: هُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُصَادَقَةٌ بِالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ لِحَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَلَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيَّ بَأْسٌ أَنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ وَرُبَّمَا أَبِيعُهَا بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا دَنَانِيرَ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا بَأْسَ إذَا افْتَرَقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا عَمَلٌ» فَإِنْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي مَا دَالَسْتَ وَلَا دَلَّسْت فَحَلَفَ كَانَ صَادِقًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْغُرُورِ وَالْخِيَانَةِ، وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ يَمِينٌ اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لِرَجَاءِ النُّكُولِ أَوْ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَأْمُرَ بَعْضَ أَصْدِقَائِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ كَذَلِكَ وَيُشْهِدَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيَجْعَلَهُ جَائِزَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ اشْتَرَاهَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ خُصُومَةٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مَا دَامَتْ فِي يَدِهِ، فَهُوَ خَصْمٌ لِلشَّفِيعِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْآمِرِ ثُمَّ يُودِعَهَا الْآمِرُ مِنْهُ أَوْ يُعِيرَهَا

رَجُلٌ أَحَبَّ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفٍ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الدَّارَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِعَشَرَةِ آلَافٍ قَالَ يَشْتَرِيهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَنْقُدُهُ تِسْعَةَ آلَافٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>