فِي بُرْدٍ» وَحُلَّةٍ اسْمٌ لِلزَّوْجِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْبُرْدُ اسْم لِلْفَرْدِ مِنْ الثِّيَابِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ»
(قَالَ): وَأَدْنَى مَا يُكَفَّنُ فِيهِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ ثَوْبَانِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِمَا وَيُصَلِّيَ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَكَذَلِكَ يُكَفَّنُ فِيهِمَا
(قَالَ): فَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي وَاحِدٍ فَقَدْ أَسَاءُوا لِأَنَّ فِي حَالَةِ حَيَاتِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ يُكْرَهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ كَانَ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ لِأَنَّ «مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا اُسْتُشْهِدَ كُفِّنَ فِي نَمِرَةَ فَكَانَ إذَا غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غُطِّيَ بِهِ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُغَطَّى رَأْسُهُ وَيُجْعَلُ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْإِذْخِرِ» وَكَذَلِكَ حَمْزَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَا اُسْتُشْهِدَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَمْ يُوجَدْ لَهُ غَيْرُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ يَجُوزُ هَذَا
(قَالَ): وَالْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ كَالرَّجُلِ يُكَفَّنُ فِيمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الرَّجُلُ فَأَمَّا الطِّفْلُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ فَإِنْ كُفِّنَ فِي خِرْقَتَيْنِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ فَحَسَنٌ وَإِنْ كُفِّنَ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ جَازَ لِأَنَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَانَ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ
(قَالَ): وَتُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِفَرْجِهِ حُكْمُ الْعَوْرَةِ حَتَّى لَا يَجِبْ سَتْرُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ
(قَالَ) قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى مَيِّتٍ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ قَالَ: تُعَادُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْغُسْلِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ فِي حَقِّهِ مُعْتَبَرَةٌ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ عَلَى جِنَازَةٍ أَعَادَهَا بَعْدَ الطَّهَارَةِ فَكَذَا هَذَا وَكَذَلِكَ لَوْ غَسَلُوهُ وَبَقِيَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ قَدْرُ لُمْعَةٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ لُفَّ فِي كَفَنِهِ وَقَدْ بَقِيَ عُضْوٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ يُخْرَجُ مِنْ الْكَفَنِ فَيُغَسَّلُ ذَلِكَ الْعُضْوُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي شَيْئًا يَسِيرًا كَالْأُصْبُعِ وَنَحْوِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأُصْبُعَ فِي حُكْمِ الْعُضْوِ بِدَلِيلِ اغْتِسَالِ الْحَيِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُخْرَجُ مِنْ الْكَفَنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَعَلَّهُ أَسْرَعَ إلَيْهِ الْجَفَافُ لِقِلَّتِهِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَالَ) فَإِنْ كَانُوا قَدْ دَفَنُوهُ لَمْ يُنْبَشْ عَنْهُ الْقَبْرُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَسَقَطَ فَرْضُ غُسْلِهِ عَنْهُمْ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ فَكَأَنَّهُمْ دَفَنُوهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ
(قَالَ): مَيِّتٌ وُضِعَ فِي لَحْدِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ أَوْ جُعِلَ رَأْسُهُ فِي مَوْضِعِ رِجْلَيْهِ قَالَ: لَا يُنْبَشُ عَنْهُ قَبْرُهُ لِأَنَّ وَضْعَهُ إلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ وَقَدْ تَمَّ خُرُوجُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بَعْدَ مَا أَهَالُوا عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute