الْفَرِيقِ أَوْ مَعَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ، وَاعْتِبَارُ الْأَحْوَالِ لَا يَتَفَاوَتُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّهَا تَفَاوُتٌ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَهُمَا حَالَةٌ وَاحِدَةٌ.
(قَالَ:) وَلَهُمْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الثَّلَاثِ نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ لَا يَدَّعِيَانِ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثَيْ الْمِيرَاثِ، وَمَا بَقِيَ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا لِاسْتِوَاءِ حَالِهِنَّ فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَاقِي بَعْد نَصِيبِ الْوَاحِدَةِ كُلُّهُ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْفِرَقِ أَثْلَاثًا لِاسْتِوَاءِ حَالِهِنَّ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا يَفْرُغُ مِنْ حَقِّ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَظَائِرِهِ
(قَالَ:) وَلَوْ كَانَ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ لَهُنَّ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ بِطَلَاقِ الثِّنْتَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَهْرُ وَاحِدٍ وَقَدْ كَانَ الثَّابِتُ لَهُنَّ قَبْلَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةَ مُهُورٍ وَنِصْفًا، فَإِذَا سَقَطَ مَهْرٌ كَانَ الْبَاقِي مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا، فَأَمَّا الْوَاحِدَةُ فَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ لَهَا رُبْعُ ثَلَاثَةِ مُهُورٍ بِأَنْ كَانَ صَحَّ نِكَاحُهَا مَعَ الثَّلَاثِ وَوَجَبَ أَرْبَعَةُ مُهُورٍ ثُمَّ سَقَطَ مَهْرٌ بِالطَّلَاقِ بَقِيَ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ لَهَا رُبْعُ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ مَا يَكُونُ لَهَا ثُلُثُ مَهْرَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ نِكَاحُهَا صَحَّ مَعَ الثِّنْتَيْنِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةَ مُهُورٍ سَقَطَ مَهْرٌ بِالطَّلَاقِ وَبَقِيَ مَهْرَانِ فَلَهَا ثُلُثُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ ثُلُثَا مَهْرٍ، فَقَدْرُ ثُلُثَيْ مَهْرٍ لَهَا بِيَقِينٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَهْرٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ سُدُسِ مَهْرٍ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ فَيَكُونُ لَهَا ثُلُثَا مَهْرٍ وَرُبْعُ سُدُسِ مَهْرٍ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ بَيْنَ الْفِرَقِ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا لِاسْتِوَاءِ حَالِهِنَّ فِي دَعْوَى ذَلِكَ وَالْمِيرَاثُ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، قَالَ الْحَاكِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ فِي حُكْمِ الْمَهْرِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجَوَابَ الصَّوَابَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَكِنَّ بَيَانَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ نَقُولَ: لَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ لَهُنَّ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا، فَأَمَّا نِصْفُ مَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخُذُهُ الْوَاحِدَةُ؛ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ لَا يَدَّعِيَانِ ذَلِكَ أَصْلًا، وَالثَّلَاثُ إنَّمَا يَدَّعِينَ ذَلِكَ بِالْوَاحِدَةِ، فَأَمَّا بِدُونِ الْوَاحِدَةِ فَلَا يَدَّعِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَكَانَتْ الْوَاحِدَةُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّنْ يَدَّعِي الِاسْتِحْقَاقَ بِهَا، فَلِهَذَا تَأْخُذُ الْوَاحِدَةُ نِصْفَ مَهْرٍ بَقِيَ مَهْرَانِ.
فَأَمَّا نِصْفُ مَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ فَالثَّلَاثُ يَدَّعِينَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِنَّ وَالْمَثْنَى يَدَّعِيَانِ ذَلِكَ بِالْوَاحِدَةِ، وَالْوَاحِدَةُ مَضْمُومَةٌ إلَيْهِنَّ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَكَانَ سُدُسُ هَذَا النِّصْفِ لِلْمَثْنَى وَلِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْ الثَّلَاثِ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ، بَقِيَ مَهْرٌ وَنِصْفٌ اسْتَوَتْ مُنَازَعَةُ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا، فَقَدْ أَصَابَ الثِّنْتَيْنِ مَرَّةً نِصْفُ مَهْرٍ وَمَرَّةً سُدُسُ النِّصْفِ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَأَصَابَ كُلَّ فَرِيقٍ مِنْ الثَّلَاثِ مَرَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute