فَلِهَذَا كَانَ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمِيرَاثِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهِ تَعَالَى - أَنْ لِلْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إحْدَى اللَّتَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا مَحْرُومَةً عَنْ الْمِيرَاثِ فَيَعْزِلُهَا بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ مُوجِبٌ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ، وَلَا يُتَيَقَّنُ بِذَلِكَ فِي الْوَاحِدَةِ فَجَعَلْنَا الْمَعْزُولَةَ لِلْحِرْمَانِ كَأَنَّ الثَّلَاثَ وَقَعَتْ عَلَيْهَا، بَقِيَتْ الْوَاحِدَةُ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا جَمِيعُ الْمِيرَاثِ، فَكَانَ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَالْبَاقِي وَهُوَ رُبْعُ الْمِيرَاثِ لِلَّتَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا، وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ اللَّتَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا مَهْرٌ كَامِلٌ لِتَأَكُّدِ مَهْرِهِمَا بِالدُّخُولِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلِلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَلَهَا نِصْفُ مَهْرٍ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَلَهَا مَهْرٌ كَامِلٌ، فَنِصْفُ مَهْرٍ لَهَا بِيَقِينٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ لَهَا ثُلُثَا مَهْرٍ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا إنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثُلُثَا مَهْرٍ، فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلُ بِهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِغَيْرِهَا لَا يَزِيدُ فِي حَقِّهَا سَبَبًا، فَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا سُدُسُ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَلَهَا ثُلُثُ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ فَلَا شَيْءَ لَهَا فَلَهَا سُدُسُ الْمِيرَاثِ، بِهِ عَلَّلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَهُوَ غَلَطٌ، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُزَاحِمُهَا فِي الْمِيرَاثِ إلَّا وَاحِدَةٌ، فَإِنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ مِنْ الْمَدْخُولَتَيْنِ مَحْرُومَةٌ عَنْ الْمِيرَاثِ، وَلَكِنَّ الطَّرِيقَ فِي التَّخْرِيجِ أَنَّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إنْ وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا.
وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَلَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، فَلَهَا حَالَتَا حِرْمَانٍ وَحَالَةُ إصَابَةٍ، فَلِهَذَا جَعَلَ لَهَا ثُلُثَ النِّصْفِ وَهُوَ السُّدُسُ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْمِيرَاثِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْحَاكِمُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْسَ ذَلِكَ بِسَدِيدٍ بَلْ الصَّوَابُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ لَهَا ثُمُنُ الْمِيرَاثِ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْمَدْخُولَتَيْنِ وَارِثَةٌ فَيَعْزِلُهَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْزُولَةً بِأَنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الطَّلَاقَيْنِ وَقَعَ عَلَيْهَا لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعْزُولَةُ لِلِاسْتِحْقَاقِ مَعْزُولَةً بِوُقُوعِ الْوَاحِدَةِ عَلَيْهَا، فَإِنْ وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَى الْأُخْرَى فَلِلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَى الَّتِي لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute