السُّدُسُ مِنْ ذَلِكَ وَالْبَاقِي أَرْبَاعٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَعَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ رُبْعُهُ بِحَسَبِ الْمِيرَاثِ، فَإِنَّهُ لَا يَرَى الرَّدَّ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا فَنَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ فَإِنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ فَلَا تُجْعَلُ الْبِنْتُ كَالْمَعْدُومِ هُنَا وَلَكِنْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ كَانَ نِصْفُ مِيرَاثِهِ لِلْبِنْتِ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَكَذَلِكَ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْبِنْتِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، إلَّا فِي قَوْلِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْمِيرَاثَ بَيْنَ الْعَمَّاتِ أَخْمَاسًا فَنَفَقَةُ الْبِنْتِ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا أَيْضًا، وَأَمَّا عِنْدَنَا مِيرَاثُ الْبِنْتِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ كُلُّهُ لِلْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا أَيْضًا، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْأَصْلِ الَّذِي قُلْنَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى وَارِثِ الْأَبِ فَإِنْ كَانَ يُحْرِزُ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ جَعَلْته كَالْمَيِّتِ، ثُمَّ نَظَرْت إلَى مَنْ يَرِثُهُ فَجَعَلْت النَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَرِثُهُ لَا يُحْرِزُ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ جَعَلْت النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ يَرِثُ مَعَهُ.
(قَالَ:) امْرَأَةٌ مُعْسِرَةٌ وَلَهَا وَلَدٌ مُوسِرٌ وَأُمٌّ مُوسِرَةٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ نَفَقَتُهُ عَلَى ابْنِهِ دُونَ أَبِيهِ لِلتَّأْوِيلِ الثَّابِتِ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْوَالِدِ وَلَا فِي حَقِّ الْأُمِّ وَكَمَا لَا يُشَارِكُ الْوَالِدَ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ أَحَدٌ، فَكَذَلِكَ لَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَحَدٌ مِنْ أُمٍّ وَلَا أَبٍ وَلَا جَدٍّ.
(قَالَ:) وَيُجْبَرُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى النَّفَقَةِ، كَمَا يُجْبَرُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِ النِّحَلِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَيْضًا وَلَا يُجْبَرُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ رَجُلًا صَحِيحًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَا زَمَانَةَ بِهِ لَا يَعْجِزُ عَنْ كَسْبِ الْقُوتِ عَادَةً وَبِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ دُونَ النَّادِرِ، إلَّا فِي الْوَالِدَيْنِ خَاصَّةً وَفِي الْجَدِّ أَبِ الْأَبِ إذَا مَاتَ أَبُو الْوَلَدِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ الْوَلَدُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لِدَفْعِ الْأَذَى الَّذِي يَلْحَقُهُ لِلْكَدِّ وَالتَّعَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
(قَالَ:) وَلَا يُجْبَرُ الْمَمْلُوكُ وَالْمُكَاتَبُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْمَمْلُوكِ لِمَوْلَاهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ لَهُ فِي كَسْبِهِ مِلْكٌ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ هُوَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ، إلَّا وَلَدَهُ الْمَوْلُودَ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَمَتِهِ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي كِتَابَتِهِ وَكَسْبِهِ لَهُ لِتَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ.
(قَالَ:) وَلَا يُجْبَرُ الْمُسْلِمُ وَلَا الذِّمِّيُّ عَلَى النَّفَقَةِ لِوَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِطَرِيقِ الصِّلَةِ وَلَا يَثْبُتُ لِلْحَرْبِيِّ اسْتِحْقَاقُ الصِّلَةِ عَلَى مَنْ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute