للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّ بِضْعَهَا مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى وَيَنْزِلُ الْمَوْلَى فِيهَا مَنْزِلَةَ الْحُرَّةِ مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا وَإِقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِالرَّجْعَةِ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِ الْحُرَّةِ عَلَى نَفْسِهَا بِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ الرَّجْعَةُ تَنْبَنِي عَلَى سَبَبٍ لَا قَوْلٍ لِلْمَوْلَى فِيهِ، وَهُوَ قِيَامُ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا فِي الْبَقَاءِ وَالِانْقِضَاءِ دُونَ الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ فِيمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ تَوْضِيحُهُ أَنَّ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ حَالَ قِيَامِ الْعِدَّةِ وَلَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى عِنْدَ ذَلِكَ فِي الْبُضْعِ وَلَا تَصَرُّفَ فَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَهَا بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي صَدَّقَتْ الزَّوْجَ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى لَمْ تَثْبُتْ الرَّجْعَةُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ بُضْعَهَا فِي الْحَالِ خَالِصٌ حَقُّ الْمَوْلَى فَإِنَّ عِدَّتَهَا مُنْقَضِيَةٌ؛ فَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ.

(قَالَ) وَالْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ تَتَشَوَّفُ وَتَتَزَيَّنُ لَهُ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَنْدُوبٌ عَلَى أَنْ يُرَاجِعَهَا وَتَشَوُّفُهَا لَهُ يُرَغِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يُرَاجِعَهَا فَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ عَلَيْهَا بِالتَّنَحْنُحِ وَخَفْقِ النَّعْلِ كَيْ تَتَأَهَّبَ لِدُخُولِهِ لَا لِأَنَّ الدُّخُولَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الِاسْتِئْذَانِ حَرَامٌ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ فِي بَيْتِهَا فِي ثِيَابِ مِهْنَتِهَا فَرُبَّمَا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى فَرْجِهَا وَتَقْتَرِنُ بِهِ الشَّهْوَةُ فَيَصِيرُ مُرَاجِعًا لَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَإِذَا صَارَ مُرَاجِعًا وَلَيْسَ مِنْ قَصْدِهِ إمْسَاكُهَا احْتَاجَ إلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ فَيَكُونُ إضْرَارًا بِهَا مِنْ حَيْثُ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَلِهَذَا قَالَ أَكْرَهُ أَنْ يَرَاهَا مُتَجَرِّدَةً إذَا كَانَ لَا يُرِيدُ رَجْعَتَهَا وَإِنْ رَآهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الرُّؤْيَةِ، وَهُوَ الْغَشَيَانُ حَلَالٌ لَهُ.

(قَالَ)، وَإِذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ تَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ فُرْقَةٍ بِخُلْعٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ اخْتِيَارِهَا أَمْرَ نَفْسِهَا أَوْ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ عُرِفَ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَالنَّصُّ وَرَدَ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ فَبَقِيَ الطَّلَاقُ الْمُقَيَّدُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَهَذَا لِأَنَّ كَوْنَهَا مُطَلَّقَةً حُكْمُ مُطْلَقِ الطَّلَاقِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مِلْكَ النِّكَاحِ كَمَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ وَكَوْنُهَا مُبَانَةً أَوْ مَالِكَةً أَمْرَ نَفْسِهَا يُنَافِي مِلْكَ النِّكَاحِ وَالْمُتَنَافِيَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فَإِذَا ثَبَتَتْ الْبَيْنُونَةُ انْتَفَى النِّكَاحُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَفِي الْخُلْعِ إنَّمَا الْتَزَمَتْ الْعِوَضَ لِتَتَخَلَّصَ مِنْ الزَّوْجِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ وَحَقِّ الرَّجْعَةِ.

(قَالَ)، وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخَلْوَةِ، وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْبَيْنُونَةِ وَسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الرَّجْعَةِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْخَلْوَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ تَسْلِيمًا فِي حَقِّ الْمَهْرِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا وَذَلِكَ الْمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>