للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَشْرُ لَيَالٍ وَتِسْعَةُ أَيَّامٍ حَتَّى يَجُوزَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ لِظَاهِرٍ قَوْله تَعَالَى وَعَشْرًا فَإِنَّ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ يُذَكَّرُ وَجَمْعَ الْمُذَكَّرِ يُؤَنَّثُ فَيُقَالُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ فَلَمَّا قَالَ هُنَا وَعَشْرًا عَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ اللَّيَالِيَ وَلَكِنَّا نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ ذِكْرَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي بِعِبَارَةِ الْجَمْعِ يَقْتَضِي دُخُولَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الْعَدَدِ الْآخَرِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ.

(وَالثَّالِثُ) أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ إمَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ بِأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] يُوجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وقَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: ٢٣٤] يُوجِبُ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادَ بِأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا وَلَوْ وَضَعَتْ قَبْلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ لِأَنَّ أَمْرَ الْعِدَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَلَكِنْ قَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: ٤] قَاضِيَةٌ عَلَى قَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: ٢٣٤] حَتَّى قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ شَاءَ بِأَهِلَّتِهِ إنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْوَى {وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: ٤] نَزَلَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ «سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَإِنَّهَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ فَسَأَلَتْ أَبَا السَّنَابِلِ بْنَ بَعْكَكٍ هَلْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَقَالَ لَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَجَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ أَبُو السَّنَابِلِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ فَقَدْ بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ إذَا أَرَدْت النِّكَاحَ فَادْأَبِي» وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ يَتَبَيَّنُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَفِي التَّرَبُّصِ بِأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لَا عِبْرَةَ بِشُغْلِ الرَّحِمِ حَتَّى تَسْتَوِيَ فِيهَا الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ بِخِلَافِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَكِنَّا نَقُولُ أَصْلُ الْعِدَّةِ مَشْرُوعٌ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَتَمَامُ ذَلِكَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَفِي حَقِّ الْحَامِلِ لَا يُعْتَبَرُ شَيْءٌ آخَرُ بِأَيِّ سَبَبٍ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ.

(وَالرَّابِعُ) أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ وَقْتِ الزَّوْجِ عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ مِنْ حِينِ تَعْلَمُ بِمَوْتِهِ حَتَّى إذَا مَاتَ الزَّوْجُ فِي السَّفَرِ فَأَتَاهَا الْخَبَرُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْعِدَّةِ عِنْدَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَلْزَمُهَا عِدَّةُ مُسْتَأْنَفَةٍ لِأَنَّ عَلَيْهَا الْحِدَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>