للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ وَصَلَتْ إلَى مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(قَالَ) وَلِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إلَى الدَّارِ وَتَبِيتَ فِي أَيِّ بُيُوتِ الدَّارِ شَاءَتْ لِأَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ مَنْزِلٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهَا أَنْ تَبِيتَ فِي مَنْزِلِهَا وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي أَيِّ بَيْتٍ بَاتَتْ وَبِالْخُرُوجِ إلَى صَحْنِ الدَّارِ لَا تَصِيرُ خَارِجَةً مِنْ مَنْزِلِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهَا فِي حَالِ بَقَاءِ النِّكَاحِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَنَازِلُ غَيْرِهِمْ فَحِينَئِذٍ لَا تَخْرُجُ إلَى تِلْكَ الْمَنَازِلِ لِأَنَّ صَحْنَ الدَّارِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ السِّكَّةِ وَبِالْوُصُولِ إلَيْهِ تَصِيرُ خَارِجَةً مِنْ مَنْزِلِهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ.

(قَالَ)، وَإِذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَلَيْسَ لَهُ إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سِتْرًا وَحِجَابًا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ فَيَتَّخِذُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سُتْرَةً حَتَّى يَكُونَ فِي حُكْمِ بَيْتَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي الْوَفَاةِ إذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ رِجَالٌ مِنْ غَيْرِهَا فَإِذَا هُمْ وَسَّعُوا عَلَيْهَا وَخَرَجُوا عَنْهَا أَوْ سَتَرُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا حِجَابًا فَلْتَقُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فَلْتَنْتَقِلْ مَعْنَاهُ إذَا أَخْرَجُوهَا وَكَانَ نَصِيبُهَا لَا يَكْفِيهَا أَوْ كَانَتْ تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْهُمْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُقِيمَ مَعَهُمْ لِأَنَّ أَوْلَادَهُ مَحْرَمٌ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا. .

(قَالَ) بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَقَلَ أُمَّ كُلْثُومٍ حِينَ قُتِلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - نَقَلَتْ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ حِينَ قُتِلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

(قَالَ)، وَإِذَا انْهَدَمَ مَنْزِلُ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَى أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَتْ لِأَنَّ الْمُقَامَ فِي الْمَنْزِلِ الْمَهْدُومِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَكَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّحَوُّلِ وَالتَّدْبِيرِ فِي اخْتِيَارِ الْمَنْزِلِ إلَيْهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ عَنْهَا إلَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ إلَى الزَّوْجِ فِي اخْتِيَارِ الْمَنْزِلِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا حَيْثُ أَحَبَّ وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا وَأَرَادَ أَنْ يَنْقُلَهَا إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ عِنْدَ الْعُذْرِ فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَدِ لَهُ عَلَيْهَا بَاقٍ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَالسُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُحْصِنَهَا حَتَّى لَا تُلْحِقَ بِهِ مَا يَكْرَهُ وَإِنَّمَا الِاخْتِيَارُ إلَيْهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعُذْرِ.

(قَالَ) وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَحُجَّ وَلَا تُسَافِرَ مَعَ مَحْرَمٍ وَغَيْرِ مَحْرَمٍ عَلَى مَا مَرَّ، وَفِي الْكِتَابِ قَالَ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ رَدَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ رَدَّهُنَّ مِنْ قَصْرِ النَّجَفِ وَكُنَّ قَدْ خَرَجْنَ حَاجَّاتٍ فَدَلَّ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.

(قَالَ)، وَإِذَا طَلُقَتْ الْأَمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>