الدُّخُولِ، وَقَدْ بَقِيَ نِصْفُهُ بِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ نِصْفُهُ عَلَى الْآخَرِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ بَقِيَ وَاحِدٌ عَلَى الشَّهَادَةِ فَيَبْقَى نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ بِبَقَائِهِ، وَتَنْعَدِمُ الْحُجَّةُ فِي نِصْفِهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا.
وَإِنْ رَجَعُوا جَمِيعًا كَانَ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ رُبُعُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَاصَّةً فَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا إذَا رَجَعَا، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ أَرْبَاعًا نِصْفُهُ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ وَنِصْفُهُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ.
(قَالَ): وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ فَسَأَلَتْ الْمَرْأَةُ الْقَاضِيَ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى تَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ، وَدَفَعَهَا إلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَأْتِيَ بِبَقِيَّةِ شُهُودِهَا؛ لِأَنَّ قِيَامَ النِّكَاحِ، وَالْحِلِّ بَيْنَهُمَا مَعْلُومٌ وَبِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ لَمْ يَثْبُتْ سَبَبُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَطْرُ الْعِلَّةِ، وَبِشَطْرِ الْعِلَّةِ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْحُكْمِ فَيَتَمَسَّكُ الْقَاضِي بِمَا كَانَ مَعْلُومًا لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْعَارِضُ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، أَوْ بَائِنًا وَادَّعَتْ أَنَّ بَقِيَّةَ شُهُودِهَا فِي الْمِصْرِ، وَشَاهِدَهَا هَذَا عَدْلٌ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَأَجَّلَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى يَنْظُرَ مَا تَصْنَعُ فِي شَاهِدِهَا الْآخَرِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَمْ تَتِمَّ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، فَقَالَ: لِلشَّهَادَةِ طَرَفَانِ الْعَدَدُ، وَالْعَدَالَةُ، وَلَوْ وُجِدَ تَمَامُ الْعَدَدِ تَثْبُتُ بِهِ الْحَيْلُولَةُ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ بِأَنْ شَهِدَ رَجُلَانِ مَسْتُورَانِ فَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ الْعَدَالَةُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى وَهْمِ كُلِّ أَحَدٍ أَنَّ الْعَدْلَ صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ، وَبَابُ الْفَرْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْحَيْلُولَةِ كَثِيرُ ضَرَرٍ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَا تَكُونُ هَذِهِ الْحَيْلُولَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْقَاضِي، بَلْ إنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَل وَدَفَعَهَا إلَى الزَّوْجِ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الْقَضَاءِ بِهِ لَمْ تَتِمَّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ.
(قَالَ): وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى تَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى تَطْلِيقَةٍ رَجْعِيَّةٍ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ عَلَى تَطْلِيقَةٍ رَجْعِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا تَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ صِفَةِ الْبَيْنُونَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَالدَّلِيلُ لَهُمَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الثَّلَاثِ مَعَ الْوَاحِدَةِ يَقُولَانِ: تَفَرُّدُ أَحَدِهِمَا بِالْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةِ كَتَفَرُّدِ أَحَدِهِمَا بِالْبَيْنُونَةِ الْخَفِيفَةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الطَّلَاقُ إذَا قُرِنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْعَدَدَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ بِالْوُقُوعِ بِلَفْظٍ آخَرَ هُنَاكَ، فَأَمَّا هُنَا، وَإِنْ أَلْحَقَ صِفَةَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ فَوُقُوعُ الطَّلَاقِ يَكُونُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِ لَفْظًا، تَوْضِيحُهُ أَنَّ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ لَا يَتَغَيَّرُ أَصْلُ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ يَنْقَلِبُ الرَّجْعِيُّ بَائِنًا.
فَأَمَّا بِانْضِمَامِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute