قَالَ (وَلَيْسَ لِغَيْرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ) أَمَّا لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَلِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ» وَكَذَلِكَ تَوَارَثَهُ النَّاسُ إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَأَمَّا فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ فَلِأَنَّهَا لَا تُؤَدَّى بِالْجَمَاعَةِ إلَّا فِي التَّرَاوِيحِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ وَعِنْدَ أَدَائِهَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ وَأَمَّا فِي السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَلِأَنَّهَا لَا تُؤَدَّى بِالْجَمَاعَةِ إلَّا التَّرَاوِيحَ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ وَهِيَ تَبَعٌ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَقَدْ أُذِّنَ وَأُقِيمَ لَهَا وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ أَدَائِهَا
، فَأَمَّا الْجُمُعَةُ يُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ لِأَنَّهَا فَرْضٌ مَكْتُوبٌ وَالْأَذَانُ لَهُ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩]، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَذَانِ الَّذِي يَحْرُمُ عِنْدَهُ الْبَيْعُ وَيَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ فَكَانَ الطَّحَاوِيُّ يَقُولُ هُوَ الْأَذَانُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي كَانَ لِلْجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا رُوِيَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ «كَانَ الْأَذَانُ لِلْجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ يَخْرُجُ فَيَسْتَوِي عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَكَذَا فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -» ثُمَّ أَحْدَثَ النَّاسُ الْأَذَانَ عَلَى الزَّوْرَاءِ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ يَقُولُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَذَانُ عَلَى الْمَنَارَةِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ الْأَذَانَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يَفُوتُهُ أَدَاءُ السُّنَّةِ وَسَمَاعُ الْخُطْبَةِ وَرُبَّمَا تَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ بَيْتُهُ بَعِيدًا عَنْ الْجَامِعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ أَذَانٍ يَكُونُ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالْمُعْتَبَرُ أَوَّلُ الْأَذَانِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ عَلَى الزَّوْرَاءِ
قَالَ (وَلَا يَتَكَلَّمُ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُعَظَّمٌ كَالْخُطْبَةِ فَيُكْرَهُ التَّكَلُّمُ فِي خِلَالِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْحُرْمَةِ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ
، وَلَكِنَّا نَقُولُ: يُحْتَمَلُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَذَانِهِ
قَالَ (وَإِنْ أَذَّنَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يُجْزِهِ وَيُعِيدُهُ فِي الْوَقْتِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ إعْلَامُ النَّاسِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَقَبْلَ الْوَقْتِ يَكُونُ تَجْهِيلًا لَا إعْلَامًا وَلِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ مُؤْتَمَنٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وَفِي الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ إظْهَارُ الْخِيَانَةِ فِيمَا ائْتُمِنَ فِيهِ وَلَوْ جَازَ الْأَذَانُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَأَذَّنَ عِنْدَ الصُّبْحِ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِخَمْسِ صَلَوَاتٍ وَذَلِكَ لَا يُجَوِّزُهُ أَحَدٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ
فَقَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ لِلْفَجْرِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاسْتَدَلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute