للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْسِ لَغْوًا فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ شِئْت يَكُونُ كَلَامُهُ تَعْلِيقًا لِلطَّلَاقِ فِي الْحَالِ بِمَشِيئَتِهَا فَلَهَا الْمَشِيئَةُ مَا دَامَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إذَا شِئْت أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ كُلَّمَا شِئْت فَذَلِكَ إلَيْهَا مَتَى شَاءَتْ اعْتِبَارًا لِلطَّلَاقِ بِالْجُعْلِ بِالطَّلَاقِ بِغَيْرِ جُعْلٍ وَهَذَا لِأَنَّ فِي الطَّلَاقِ بِجُعْلٍ يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا وَهِيَ بِالْمَشِيئَةِ تَكُونُ قَابِلَةً وَلَمَّا كَانَ حَرْفُ إذَا وَمَتَى لِلْوَقْتِ فَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ بِجُعْلٍ بِقَبُولِهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ يَكُونُ فَسَوَاءٌ قَبِلَتْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ بِمَشِيئَتِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ وَإِنْ قَالَ إنْ شِئْت فَهَذَا عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَإِنْ قَالَتْ فِي الْمَجْلِسِ قَدْ شِئْت وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ وَإِنْ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ تَشَاءَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ.

(قَالَ) وَإِذَا قَالَ لَهَا إذَا شَاءَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ أَوْ كَانَ حَيًّا فَمَاتَ سَاعَتئِذٍ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ أَمَّا إذَا كَانَ حَيًّا فَمَاتَ فُلَانٌ. الشَّرْطُ مَشِيئَتُهُ وَقَدْ فَاتَ بِمَوْتِهِ وَبِفَوَاتِ الشَّرْطِ يَمْتَنِعُ نُزُولُ الْجَزَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا فَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ لَا كَوْنَ لَهُ فَيَكُونُ تَحْقِيقًا لِلنَّفْيِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ هَذَا الْجِدَارُ أَوْ إنْ تَكَلَّمَتْ الْمَوْتَى أَوْ إنْ تَكَلَّمَتْ هَذِهِ الْحَصَاةُ يَكُونُ تَحْقِيقًا لِلنَّفْيِ لَا إيقَاعًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إذَا شَاءَ الْجِنُّ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ خَلْقٍ لَا يُرَى وَلَا يَظْهَرُ وَلَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ هَذَا تَحْقِيقٌ لِلنَّفْيِ وَتَأْثِيرُهُ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَزِيمَةً وَلَوْ قَالَ إذَا شَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ غَائِبٌ فَمَاتَ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ شَاءَ أَوْ لَمْ يَشَأْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَكَلَّمَ فُلَانٌ بِطَلَاقِك فَمَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ.

(قَالَ) وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ كَذَا لِشَيْءٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُحِبُّهُ أَوْ لَا تُحِبُّهُ مِثْلَ الْمَوْتِ وَالْعَذَابِ فَقَالَتْ أَنَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَهِيَ طَالِقٌ إذَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُحِبُّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُحِبُّ الْعَذَابَ فِي النَّارِ وَلَا الْمَوْتَ فِي الدُّنْيَا وَالْمُخَبِّرُ عَنْ الشَّيْءِ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فَعِنْدَ التَّيَقُّنِ بِالْكَذِبِ أَوْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا مَحَبَّتُهَا تَكُونُ بِقَلْبِهَا وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيُقَامُ خَبَرُهَا بِذَلِكَ مَقَامَ حَقِيقَتِهِ تَيْسِيرًا وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا إنْ أَخْبَرَتْنِي أَنَّك تُحِبِّينَ الْمَوْتَ وَالْعَذَابَ وَقَدْ أَخْبَرَتْ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي خَبَرِهَا احْتِمَالَ الصِّدْقِ وَقَدْ يَبْلُغُ ضِيقُ الصَّدْرِ بِالْمَرْءِ وَسُوءُ الْحَالِ دَرَجَةً يُحِبُّ فِيهَا الْمَوْتَ وَقَدْ تَحْمِلُهَا شِدَّةُ بُغْضِهَا لِلزَّوْجِ عَلَى أَنْ تُؤْثِرَ الْعَذَابَ وَالْمَوْتَ عَلَى صُحْبَتِهِ وَذَلِكَ مَحْسُوسٌ وَقَدْ تَحْمِلُهَا شِدَّةُ الْبُغْضِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>