الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَوْمٌ مَعْلُومُونَ فَكُلُّ مَنْ حَضَرَ يُصَلِّي فِيهِ فَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لَا تُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِ الْجَمَاعَاتِ ثُمَّ فِي مَسْجِدِ الْمَحَالِّ إنْ صَلَّى غَيْرُ أَهْلِهَا بِالْجَمَاعَةِ فَلِأَهْلِهَا حَقُّ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ لِأَهْلِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي نَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ إلَيْهِمْ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يُفَوِّتَ عَلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، فَأَمَّا إذَا صَلَّى فِيهِ أَهْلُهَا أَوْ أَكْثَرُ أَهْلِهَا فَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقُّ الْإِعَادَةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ إنْ وَقَفَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ فِي زَاوِيَةٍ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمَعْهُودِ لِلْإِمَامِ فَصَلَّوْا بِأَذَانٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ حَسَنٌ.
لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فَدَخَلَ أَعْرَابِيٌّ وَقَامَ يُصَلِّي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا أَحَدٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا يَقُومُ فَيُصَلِّي مَعَهُ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَصَلَّى مَعَهُ.
قَالَ (وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ عَنْ وَقْتِهَا فَقَضَاهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ أَذَّنَ لَهَا وَأَقَامَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بَعْدَ مَا انْتَبَهَ مَعَ أَصْحَابِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَضَى الْفَجْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ أَمَرَ بِلَالًا بِهِمَا» «وَشُغِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَضَاهُنَّ بَعْدَ هَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ» قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ لِلْأُولَى ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا» وَقَالَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ» «وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ».
قَالَ (وَإِنْ اكْتَفَوْا بِالْإِقَامَةِ جَازَ) لِأَنَّ الْأَذَانَ لِإِعْلَامِ النَّاسِ حَتَّى يَجْتَمِعُوا وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي الْقَضَاءِ وَالْإِقَامَةَ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فَهُوَ حَسَنٌ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى سُنَنِ الْأَدَاءِ
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَاتَهُ ظُهْرُ أَمْسِهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ يُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ غَيْرِ ذَلِكَ) وَهَا هُنَا مَسَائِلُ. إحْدَاهَا اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَيَكُونُ أُمَرَاءُ بَعْدِي يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَإِذَا فَعَلُوا فَصَلُّوا أَنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً» أَيْ نَافِلَةً، وَلِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ بَنَى صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ كَمَا أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي آخِرَ صَلَاتِهِ عَلَى أَوَّلِ صَلَاتِهِ، وَبِنَاءُ النَّفْلِ عَلَى تَحْرِيمَةٍ انْعَقَدَتْ لِلْفَرْضِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ فَأَمَّا الْمُفْتَرِضُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُتَنَفِّلِ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَصِحُّ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ وَلِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي فِي التَّحْرِيمَةِ، وَالنَّفَلُ وَالْفَرْضُ يَسْتَدْعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْرِيمَةً مُطْلَقَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute