للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَقَعُ شَيْءٌ فَلَا يَمْلِكُ التَّفْوِيضَ إلَيْهَا بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِآثَارِ الصَّحَابَةِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَزَيْدٍ وَعَائِشَةَ قَالُوا فِي الرَّجُلِ يُخْبِرُ امْرَأَتَهُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ فَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلِأَنَّ الزَّوْجَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْتَدِيمَ نِكَاحَهُمْ أَوْ يُفَارِقَهَا فَيَمْلِكَ أَنْ يُسَوِّيَهَا بِنَفْسِهِ فِي حَقِّهِ بِأَنْ يُخَيِّرَهَا «وَقَدْ خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ حِينَ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨]» ثُمَّ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَبْطُلَ خِيَارُهَا بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ مِنْ الزَّوْجِ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّأْبِيدَ مُتَأَبِّدٌ وَلَكِنَّا تَرَكْنَا هَذَا الْقِيَاسَ لِآثَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلِأَنَّ الْخِيَارَ الطَّارِئَ لَهَا عَلَى النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مُعْتَبَرٌ بِالْخِيَارِ الطَّارِئِ شَرْعًا وَهُوَ خِيَارُ الْمُعْتَقَةِ وَذَلِكَ يَتَوَقَّتُ بِالْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ هَذَا لَهَا الْخِيَارُ مَا بَقِيَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ تَطَاوَلَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ قَدْ يَطُولُ وَقَدْ يَقْصُرُ.

أَلَا تَرَى أَنَّ حُكْمَ قَبْضِ بَدَلِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لَمَّا تَوَقَّتَ بِالْمَجْلِسِ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَطُولَ أَوْ يَقْصُرَ فَإِذَا قَامَتْ أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ يَعْرِفُ أَنَّهُ قَطْعٌ لِمَا كَانَتْ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهَا بِعَمَلٍ آخَرَ يَقْطَعُ الْمَجْلِسَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَجْلِسَ يَكُونُ مَجْلِسَ مُنَاظَرَةٍ ثُمَّ يَنْقَلِبُ مَجْلِسَ أَكْلٍ إذَا اشْتَغَلُوا بِهِ ثُمَّ مَجْلِسَ الْقِتَالِ إذَا اقْتَتَلُوا وَلِأَنَّ الذَّهَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ إنَّمَا كَانَ مُبْطِلًا لِخِيَارِهَا لِوُجُودِ دَلِيلِ الْإِعْرَاضِ عَمَّا فُوِّضَ إلَيْهَا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِاشْتِغَالِهَا بِعَمَلٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ بِقِيَامِهَا وَإِنْ لَمْ تَذْهَبْ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ يُفَرِّقُ الرَّأْيَ وَبِهِ فَارَقَ الصَّرْفَ وَالسَّلَمَ فَإِنَّ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ قَبْلَ الذَّهَابِ هُنَاكَ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِدَلِيلِ الْإِعْرَاضِ ثَمَّ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الِافْتِرَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً حِينَ خَيَّرَهَا فَاضْطَجَعَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا فِي قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ وَالتَّهَاوُنِ بِمَا خَيَّرَهَا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَضْطَجِعُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُرَوِّيَ النَّظَرَ فِي أَمْرٍ وَلَوْ كَانَتْ مُتَّكِئَةً حِينَ خَيَّرَهَا فَاسْتَوَتْ قَاعِدَةً لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْإِقْبَالِ عَلَى مَا حَزَبَهَا مِنْ الْأَمْرِ.

وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاتَّكَأَتْ فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ الِاتِّكَاءَ نَوْعُ جِلْسَةٍ فَكَأَنَّهَا كَانَتْ مُتَرَبِّعَةً فَاحْتَبَتْ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ الِاتِّكَاءَ بِمَنْزِلَةِ الِاضْطِجَاعِ؛ لِأَنَّهُ إظْهَارٌ لِلتَّهَاوُنِ بِمَا خَيَّرَهَا وَإِذَا خَيَّرَهَا وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>