لِلْأَمْرِ إلَيْهَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اخْتَارِي فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِالْفِعْلِ فَلَا يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْعُمُومِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَعَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ إذَا قَالَ نَوَيْت وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا بِهَذَا الْكَلَامِ جِنْسَ مَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ ثَلَاثٌ وَلَكِنَّا نَقُولُ التَّفْوِيضُ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا وَقَدْ يَكُونُ عَامًّا فَإِذَا نَوَى الْوَاحِدَةَ فَقَدْ قَصَدَ تَفْوِيضًا خَاصًّا وَهُوَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلظَّاهِرِ وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا نِيَّةُ الْعَدَدِ وَهِيَ لَا تَسَعُ فِي هَذَا اللَّفْظِ فَتَكُونُ وَاحِدَةً بَائِنَةً.
(قَالَ) وَإِذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَهِيَ بَائِنٌ بِتَطْلِيقَتَيْنِ وَالْأَلْفُ عَلَيْهَا لَازِمَةٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهَا جَوَابٌ لِلْإِيجَابَيْنِ جَمِيعًا وَأَحَدُهُمَا بِبَدَلٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَإِنَّمَا يَقَعَانِ مَعًا عِنْدَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا فَيَلْزَمُهَا الْمَالُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِجُعْلٍ يُصَادِفُهَا وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ كَاَلَّتِي هِيَ بِغَيْرِ جُعْلٍ.
(قَالَ) وَإِذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك فِي يَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي بِالْخِيَارِ الْأَوَّلِ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهَا لَازِمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأَمْرَيْنِ قَدْ صَارَا أَمْرًا وَاحِدًا مَعْنَاهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا الثَّلَاثَ وَاَلَّذِي أَوْجَبَهُ بِجُعْلٍ هُوَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ وَقَدْ قَبِلَتْ ذَلِكَ وَأَوْقَعَتْ فَيَلْزَمُهَا الْمَالُ تَوْضِيحُهُ أَنَّ ذِكْرَهَا التَّرْتِيبَ لَغْوٌ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَبْقَى قَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي فَيَكُونُ جَوَابًا لِلْكَلَامَيْنِ وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا بِالِاخْتِيَارِ أَوْقَعَتْ مَا تَضَمَّنَهُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ جُعْلٍ.
(قَالَ) وَإِنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ أَوْ قَالَ فِي الْيَوْمِ فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَقَدْ بَطَلَ خِيَارُهَا وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا فَلَهَا الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَذَكَرَ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَرْقًا بَيْنَ قَوْلِهِ الْيَوْمَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْيَوْمِ فَقَالَ إذَا قَالَ فِي الْيَوْمِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِهَا لِوُجُودِ حَرْفِ فِي فَإِنَّ الْمَظْرُوفَ قَدْ يَشْغَلُ جُزْءًا مِنْ الظَّرْفِ فَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ فِي جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْيَوْمَ فَإِنَّ ذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِالْخِيَارِ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ وَلَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ ضَعِيفٌ وَالْمَقْصُودُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا تَوْقِيتُ الْخِيَارِ بِالْيَوْمِ.
(قَالَ) وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك أَمْسِ فَلَمْ تَخْتَارِي شَيْئًا وَقَالَتْ هِيَ بَلْ قَدْ اخْتَرْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِمَا لَا تَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَتَدَّعِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَالزَّوْجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute