للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ رَجُلَانِ كَانَ الْوَاجِبُ أَرْشَ يَدَيْ مَمْلُوكَتَيْنِ، وَيُسَلَّمُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ يَبْقَى خِيَارُ الْمَوْلَى لِبَقَاءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَحَلًّا لِلْعِتْقِ، وَمَا بَقِيَ خِيَارُ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ الْعِتْقُ نَازِلًا فِي عَيْنِ إحْدَاهُمَا فَإِنَّمَا أُبِينَتْ يَدُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ بِخِلَافِ الرِّقِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى خِيَارُ الْمَوْلَى فِي الْبَيَانِ بَعْدَمَا قُتِلَتْ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ خِيَارُهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْحُكْمِ بِشُيُوعِ الْعِتْقِ فِيهِمَا.

وَإِذَا كَانَ قَاتِلُهُمَا وَاحِدًا نَتَيَقَّنُ، بِأَنَّهُ قَتَلَ حُرَّةً، وَأَمَةً، وَإِنْ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ، وَلَكِنَّ الْمَوْلَى مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ، عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا وَسَعَتْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ فَاتَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَإِنَّ وَارِثَهُ لَا يَخْلُفهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى مُرَادِهِ؛ وَلِأَنَّ مُجَرَّدَ الْخِيَارِ لَا يُورَثُ، وَلَمَّا فَاتَ الْبَيَانُ شَاعَ الْعِتْقُ فِيهِمَا إذْ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى، وَبَعْدَمَا عَتَقَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَجِبُ إخْرَاجُ النِّصْفِ الْبَاقِي إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى عِنْدَ الْمَوْتِ إحْدَاهُمَا عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ كَانَ مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ وَقَدْ تَمَّ الِاسْتِحْقَاقُ بِهِ فِي حَقِّهِ مُعْتَبَرًا مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنْكِيرَ فِي جَانِبِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِبَيَانِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ عَيْنِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى؛ لِأَنَّ إحْدَاهُنَّ قَدْ بَانَتْ فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا تَنْكِيرَ فِي جَانِبِهِ، وَلَوْ جَنَتْ إحْدَاهُمَا جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى ثُمَّ اخْتَارَ إيقَاعَ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ كَانَ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يُوقِعَ الْعِتْقَ عَلَى الْأُخْرَى فَإِيقَاعُهُ عَلَى هَذِهِ فِي حَقِّ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقٍ مُبْتَدَأٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهِ دَفْعُهَا فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِلدِّيَةِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّهِمْ أَنَّهُ كَانَ أَرَادَهَا بِذَلِكَ الْعِتْقِ السَّابِقِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا، وَسَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَكَانَ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الَّتِي جَنَتْ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ دَفْعُهَا حِينَ عَتَقَ نِصْفُهَا عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَصِرْ الْمَوْلَى مُخْتَارًا بَلْ صَارَ مُسْتَهْلَكًا بِتَرْكِ الْبَيَانِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى مَاتَ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْجَانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْجِنَايَةِ.

وَلَوْ بَاعَ إحْدَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْبَيْعِ فِي إحْدَاهُمَا نَافِذٌ، وَمِنْ ضَرُورَةِ نُفُوذِهِ خُرُوجُهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِذَلِكَ الْعِتْقِ فَيَتَعَيَّنُ فِي الْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ إحْدَاهُمَا بَيْعًا فَاسِدًا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَهَذَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ قَدْ مَلَكَهَا فَمِنْ ضَرُورَتِهِ تَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْأُخْرَى، وَلَكِنْ قِيلُ: لَا مُعْتَبَرَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَسَوَاءٌ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الْأُخْرَى، لِأَنَّ الْبَيْعَ اسْمٌ خَاصٌّ لِتَمْلِيكِ مَالٍ بِمَالٍ فَفِي قَوْلِهِ بِعْت هَذَا بِكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>