أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَحُكْمُ الْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ التَّضْمِينَ، وَالِاسْتِسْعَاءَ هُنَاكَ فِي الثُّلُثِ، وَهُنَا فِي الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُدَبَّرِ الْخُمُسُ هُنَا فَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ، أَوْ قَالَ الْبَائِعُ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ بَعْدَهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مُعْتَقَ الْبَعْضِ لَا يُبَاعُ فَالْمُبْطِلُ لِلْبَيْعِ ظَاهِرٌ فِي الْحَالِ، أَوْ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا فَكَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ لِتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَاسْتَسْعَاهُ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ وَالْمُدَبَّرَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ إذَا لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَيَرْجِعَانِ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ، أَوْ التَّدْبِيرِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَلَهَا خُمُسُ قِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ هُوَ كَالْمُكَاتَبِ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَلَهَا الْخِيَارُ لِلتَّغَيُّرِ إنْ شَاءَتْ تَرَكَتْ الْمُسَمَّى، وَضَمَّنَتْ الزَّوْجَ خُمُسَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَجَازَتْ، وَأَعْتَقَتْ، وَاسْتَسْعَتْ الْعَبْدَ فِي خُمُسِ قِيمَتِهِ، وَوَلَاءُ خُمُسِهِ لَهَا وَإِنْ شَاءَتْ ضَمَّنَتْ الْمُعْتِقَ وَالْمُدَبِّرَ خُمُسَ قِيمَتِهِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ لَا تَتَصَدَّقُ هِيَ بِالزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ بِمَالٍ فَيَتَصَدَّقُ بِرِبْحٍ حَصَلَ لَا عَلَى ضَمَانِهِ، وَالْمَرْأَةُ تَمَلَّكَتْ ذَلِكَ لَا بِأَدَاءِ مَالٍ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ فِي حَقِّهَا.
فَأَمَّا نَصِيبُ الْمُكَاتَبِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إنْ أَدَّى الْبَدَلَ إلَيْهِ عَتَقَ مِنْ قِبَلِهِ وَإِنْ عَجَزَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبَّرَ، وَالْمُعْتِقَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ نِصْفَيْنِ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَالْجَوَابُ فِي الْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ عَلَى مَا قُلْنَا، فَأَمَّا الْبَيْعُ فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ الْبَيْعُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعِتْقُ ثُمَّ التَّدْبِيرُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَإِذَا اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ خُمُسَ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا لَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ الْبَيْعُ ثُمَّ التَّدْبِيرُ ثُمَّ الْعِتْقُ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءَ لِلتَّدْبِيرِ ضَمِنَ الْمُدَبَّرُ خُمُسَ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا لَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ التَّزْوِيجُ ثُمَّ الْعِتْقُ ثُمَّ التَّدْبِيرُ فَاخْتَارَتْ الْإِجَازَةَ ضَمَّنَتْ الْمُعْتِقَ خُمُسَ الْقِيمَةِ لَيْسَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَتْ الْغُلَامَ فِي خُمُسِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّزْوِيجُ ثُمَّ التَّدْبِيرُ ثُمَّ الْعِتْقُ ضَمَّنَتْ الْمُدَبَّرَ خُمُسَ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا لَيْسَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِخُمُسِ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute