الثَّابِتُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَشَبَّهَ هَذَا بِمَنْ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ قَالَ لِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَخَرَجَتْ إحْدَاهُمَا وَدَخَلَتْ الثَّالِثَةُ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ يَسْقُطُ مِنْ مَهْرِ الْخَارِجَةِ رُبْعُهُ وَمِنْ مَهْرِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهِ وَمِنْ مَهْرِ الدَّاخِلَةِ ثُمُنُهُ لِلطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا
وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا الْكَلَامُ الثَّانِي صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الثَّابِتَ عَتَقَ بِهِ عَلَى مَا بَقِيَ وَهُوَ النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الدَّاخِلَ عَتَقَ بِهِ كُلُّهُ فَالدَّاخِلُ يَعْتِقُ فِي حَالٍ وَلَا يَعْتِقُ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ، وَبَيَانُ هَذَا الْكَلَامِ إمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأُولَى لَمَّا شَاعَتْ فِيهِمَا كَانَ الثَّابِتُ مُعْتَقَ الْبَعْضِ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ أَهْلٌ لِإِنْشَاءِ الْعِتْقِ فِيهِ فَيَصِحُّ الْكَلَامُ الثَّانِي عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْعِتْقُ لَا يَتَجَزَّأُ بَعْدَ وُقُوعِهِ عَلَى مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَاقِعًا عَلَى الثَّابِتِ حِينَ تَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي فَصَحَّ الْكَلَامُ الثَّانِي، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ فَقَدْ قِيلَ هُوَ مَذْكُورٌ فِي الزِّيَادَاتِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
فَأَمَّا عِنْدَهُمَا يَسْقُطُ مِنْ مَهْرِ الدَّاخِلَةِ رُبْعُهُ وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ الْفَرْقُ وَاضِحٌ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الطَّلَاقَ عِنْدَهُ لَا يَتَجَزَّأُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَالْكَلَامُ الثَّانِي لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُوجَدُ شَخْصٌ مُتَرَدِّدُ الْحَالِ بَيْنَ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَيَكُونُ مَحَلًّا لِإِنْشَاءِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ وَالثَّابِتُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ حِينَ تَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي فَأَمْكَنَ تَصْحِيحُ الْكَلَامِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَأَمَّا الطَّلَاقُ لَا يُوجَدُ شَخْصٌ مُتَرَدِّدُ الْحَالِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً وَمَنْكُوحَةً ثُمَّ يَصِحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَلَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِ الْكَلَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قُلْنَا) إنْ كَانَ صَحِيحًا يَسْقُطُ بِهِ نِصْفُ مَهْرٍ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَسْقُطْ بِهِ شَيْءٌ، فَسَقَطَ بِهِ رُبْعُ مَهْرٍ ثُمَّ يَتَرَدَّدُ هَذَا الرُّبْعُ بَيْنَ الثَّابِتَةِ وَالدَّاخِلَةِ فَيُصِيبُ الدَّاخِلَةَ نِصْفُ الرُّبْعِ وَهُوَ الثُّمُنُ فَلِهَذَا سَقَطَ ثُمُنُ مَهْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى قَالَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ الثُّلُثَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ فَيُضْرَبُ الْخَارِجُ فِي الثُّلُثِ بِسَهْمَيْنِ وَالثَّابِتُ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَالدَّاخِلُ بِسَهْمَيْنِ فِي قَوْلِهِمَا فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ وَالْقِسْمَةُ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ كُلُّ رَقَبَةٍ سَبْعَةٌ، فَيَسْتَسْعِي الْخَارِجُ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّاخِلُ وَالْمُقِيمُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّاخِلُ إنَّمَا يُضْرَبُ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَالْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَسْعَى الْخَارِجُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَالثَّابِتُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَالدَّاخِلُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ. إذَا عَرَفْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute