للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِأَدَاءِ الْأَلْفِ جُمْلَةً وَاحِدَةً لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً وَلَا تَعْتِقُ إلَّا بِوُجُودِ صُورَةِ الشَّرْطِ فَكَذَلِكَ إذَا عَلَّقَهُ بِالْأَدَاءِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْكِتَابَةِ حِينَ جَعَلَ الْمَالَ مُؤَجَّلًا مُنَجَّمًا عَلَيْهِ وَالتَّأْجِيلُ وَالتَّنْجِيمُ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابَةِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَلَّكْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا كَانَ بَيْعًا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ التَّأْجِيلَ وَالتَّنْجِيمَ لِلتَّيْسِيرِ وَذَلِكَ فِي الْمَالِ الْوَاجِبِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ قَصَدَ إيجَابَ الْمَالِ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَالُ إلَّا بِالْكِتَابَةِ

وَلَوْ قَالَ لَهَا إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَمْ تُؤَدِّهَا فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ وَأَدَّتْهَا فِي غَيْرِهِ لَمْ تَعْتِقْ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا وَبِهَذَا اسْتَشْهَدَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْكِتَابَةِ مِنْ التَّنْجِيمِ وَالتَّيْسِيرِ عَلَى الْعَبْدِ بَلْ فِيهِ اشْتِرَاطُ تَعْجِيلِ أَدَاءِ الْمَالِ فَلَمْ يَكُنْ كِتَابَةً وَقَدْ فَاتَ الشَّرْطُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ قَبْلَ أَدَائِهِ فَلِهَذَا لَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا إذَا صَرَّحَ بِالتَّنْجِيمِ

وَإِذَا قَالَ مَتَى أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْأَدَاءِ بَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ كَمَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لِأَنَّهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْوَارِثِ فَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُودُ الشَّرْطِ بَعْدَ هَذَا عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى لِتَعْتِقَ بِهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْمَالِكِيَّةِ يَدًا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَارِثِ وَلَكِنْ يَبْقَى عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَوْلَى حَتَّى يَعْتِقَ بِأَدَائِهِ،

وَإِنْ كَانَ قَالَ إنْ أَدَّيْت أَلْفًا بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ بِمَالٍ وَالْعِتْقُ بِغَيْرِ مَالٍ فِي صِحَّةِ إيجَابِهِ مِنْ الْمَوْلَى سَوَاءٌ لَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي كَانَ صَحِيحًا فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إذَا أَدَّيْت أَلْفًا بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ، إذَا جَاءَتْ بِالْمَالِ فَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهَا وَيُعْتِقَهَا ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ فَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْفَضْلُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَهَذَا وَمَسْأَلَةُ الْمَرِيضِ سَوَاءٌ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ إذَا أَدَّيْتُمَا إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ أَدَاؤُهُمَا جَمِيعًا الْمَالَ، وَالشَّرْطُ يُقَابِلُ الْمَشْرُوطَ جُمْلَةً وَلَا يُقَابِلُهُ جُزْءًا فَجُزْءًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْأَلْفِ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَدَاؤُهُمَا فَلَا يَتِمُّ بِأَدَاءِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ قَالَ الْمُؤَدِّي خَمْسُمِائَةٍ مِنْ عِنْدِي وَخَمْسُمِائَةٍ بَعَثَ بِهَا صَاحِبِي لِأُؤَدِّيَهَا إلَيْك عَتَقَا لِأَنَّ أَدَاءَ الرَّسُولِ كَأَدَاءِ الْمُرْسَلِ فَيَتِمُّ الشَّرْطُ بِهَذَا وَهُوَ أَدَاؤُهُمَا جَمِيعًا الْمَالَ، فَإِنْ أَدَّاهَا عَنْهُمَا رَجُلٌ آخَرُ لَمْ يَعْتِقَا لِأَنَّ الشَّرْطَ أَدَاؤُهُمَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ هُنَاكَ بَرَاءَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>