لِوُجُودِ الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْكِتَابَةِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَلْفِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فِي الْكِتَابَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَكِنْ إنْ قَبِلَهُ يَعْتِقُ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْقَبُولِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْكِتَابَةِ
وَلَوْ قَالَ اخْدِمْنِي وَوَلَدِي سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ إذَا خَدَمْتنِي وَإِيَّاهُ سَنَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَمْ يَعْتِقْ بِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَتِمَّ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَقَدْ فَاتَ شَرْطُ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ فَلَا يَعْتِقُ بَعْدَ ذَلِكَ
وَلَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً فَقَبِلَ فَهُوَ حُرٌّ وَالْخِدْمَةُ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ بِهَا لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ الْعِتْقَ هُنَا بِقَبُولِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْأَوَّلِ أَوْجَبَ لَهُ الْعِتْقَ بِوُجُودِ الْخِدْمَةِ ثُمَّ الْخِدْمَةُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ دَيْنًا بِمُقَابَلَةِ الْعِتْقِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ خِدْمَةِ السَّنَةِ مِنْ قِيمَتِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا يَأْخُذُونَهُ بِمَا بَقِيَ بِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ قَالَ عِيسَى وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا هُنَا يَأْخُذُونَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ خِدْمَةِ السَّنَةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَيَخْلُفَهُ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَاسْتَوْفَى بَعْضَهَا ثُمَّ مَاتَ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُنَّهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَقُولُ النَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْخِدْمَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَخْدُمَ الْمَوْلَى فَيَفُوتَ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى كَمَا يَفُوتُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَةِ السَّنَةِ مِنْ قِيمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ قِيمَةِ الْخِدْمَةِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إذَا بَاعَ نَفْسَ الْعَبْدِ مِنْهُ بِجَارِيَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ أَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ فَلَا يَفُوتُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يَقُولَ الْخِدْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةُ لَا تُوَرَّثُ فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاءُ عَيْنِ الْخِدْمَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَتَهُ أَوْ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ عَلَى حَسَبِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute