وَعَبْدٍ فَوَلَدَتْ فَادَّعَوْا جَمِيعًا فَدَعْوَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى عِنْدَنَا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ دَعْوَةُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ أَمَّا الْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ فَلَيْسَ لَهُمَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ وَلَا تُعَارِضُ دَعْوَتُهُمَا دَعْوَةَ مَنْ لَهُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فَزُفَرُ يَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِلْكٌ فِي نَصِيبِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَصِحَّةُ الدَّعْوَى بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ فَلَا يَتَرَجَّحُ الْمُسْلِمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ مَا تَسَاوَيَا فِي السَّبَبِ كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى وَلَكِنَّا نَقُولُ دَعْوَةُ الْمُسْلِمِ تُوجِبُ الْإِسْلَامَ لِلْوَلَدِ وَدَعْوَةُ الْكَافِرِ تُوجِبُ الْكُفْرَ لَهُ فَيَتَرَجَّحُ الْمُوجِبُ لِلْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْوَلَدِ. تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ دَعْوَةِ الْمُسْلِمِ وَالْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ بِهِ وَبَعْدَ مَا حَكَمَ بِذَلِكَ فَقَوْلُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلِهَذَا كَانَتْ دَعْوَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَقَلَّ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ دَعْوَتِهِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ مِلْكِهِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا إذْ لَا مُعْتَبَرَ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فِي تَصْحِيحِ الدَّعْوَى وَعَلَيْهِ ضَمَانُ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَالْعُقْرُ لِمَا بَيَّنَّا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ حِصَّةُ شُرَكَائِهِ مِنْ الْعُقْرِ لِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ حِينَ ادَّعَى النَّسَبَ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ هَذَا الدَّيْنِ لَا بِسَبَبِ التِّجَارَةِ فَإِقْرَارُهُ بِهِ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مُدَبَّرٌ مُسْلِمٌ كَانَ الْوَلَدُ وَلَدَ الذِّمِّيِّ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ شُرَكَائِهِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الدَّعْوَةَ بِحَقِيقَةِ الْمِلْكِ لَا تُعَارِضُهُ الدَّعْوَةُ بِحَقِّ الْمِلْكِ ثُمَّ فِي تَصْحِيحِ دَعْوَةِ الْكَافِرِ هُنَا إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُ وَلَا يُقَالُ فِي تَصْحِيحِ دَعْوَةِ الْمَمْلُوكِ إثْبَاتُ الْإِسْلَامِ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّ فِي الْحَالِ مَنْفَعَتُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى أُمُورِ الدُّنْيَا أَظْهَرُ وَبِاعْتِبَارِ الْمَالِ إذَا بَلَغَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَصِّلَ الْحُرِّيَّةَ لِنَفْسِهِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ سَبَبَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيُسْلِمَ فَلِهَذَا رَجَّحْنَا جَانِبَ الْحُرِّيَّةِ وَجَعَلْنَا الْوَلَدَ وَلَدَ الذِّمِّيِّ الْحُرِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ كَانَ ابْنَ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ حَقُّ الْمِلْكِ فِي كَسْبِهِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ ذَلِكَ فَلَا تُعَارِضُ دَعْوَتُهُمَا دَعْوَةَ الْمُكَاتَبِ. يُقَرِّرُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَهُ نَوْعُ مَالِكِيَّةٍ فَإِنَّهُ مَالِكٌ يَدًا وَلَوْ رَجَّحْنَا دَعْوَتَهُ ثَبَتَ لِلْوَلَدِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ فَلِهَذَا رَجَّحْنَا دَعْوَتَهُ عَلَى دَعْوَةِ الْمُدَبَّرِ وَالْعَبْدِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُكَاتَبٌ لَمْ تَجُزْ دَعْوَى الْمُدَبَّرِ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُمَا مِلْكُ الْمَوْلَى وَدَعْوَى النَّسَبِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ مِنْ الْحُرِّ فَكَيْف يَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ وَبِنَحْوِهِ عَلَّلَ، فَقَالَ: مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يُزَوِّجْهُمْ.
وَلَوْ صَدَّقَهُمَا الْمَوْلَى بِالْوَلَدِ وَقَالَا كُنَّا وَطِئْنَاهَا بِغَيْرِ نِكَاحٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا وَذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute