الْعُقْرِ بِنِصْفِ الْعُقْرِ قِصَاصٌ، يَبْقَى لِمُدَّعِي الْأَكْبَرِ عَلَى مُدَّعِي الْأَصْغَرِ نِصْفُ الْعُقْرِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ ذِمِّيًّا وَمُدَّعِي الْأَصْغَرِ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ فِيمَا ادَّعَى وَالتَّرْجِيحُ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ فَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ تَصِحُّ دَعْوَى الذِّمِّيِّ كَمَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُسْلِمِ.
(قَالَ) أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَحَدُهُمَا حَيٌّ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمَيِّتَ وَنَفَى الْحَيَّ لَزِمَهُ الْحَيُّ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَدَعْوَتُهُ أَحَدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ دَعْوَتِهِمَا فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْحَيِّ مِنْهُ وَلَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (فَإِنْ قِيلَ) الْمَيِّتُ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِلدَّعْوَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَلَدٌ حَيٌّ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ تُصَادِفْ دَعْوَتُهُ مَحَلَّهُ كَانَ لَغْوًا (قُلْنَا) إنَّمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ نَسَبَ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ وَهَذَا الْمَعْنَى يَنْعَدِمُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْبَطْنِ وَلَدٌ حَيٌّ وَلِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ هُوَ ابْنِي أَيْ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِي حَتَّى تَصِيرَ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ حَيٌّ فَإِقْرَارُهُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْحَيَّ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَلِهَذَا أَثْبَتْنَا نَسَبَ الْحَيِّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَيِّتَ أَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُ الْحَيِّ مِنْهُمَا جَمِيعًا لِمَا بَيَّنَّاهُ.
(قَالَ) وَإِذَا قَالَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ إذَا كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَهُوَ مِنِّي وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَلَيْسَتْ مِنِّي وَقَالَ الْآخَرُ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَهِيَ مِنِّي وَإِنْ كَانَ غُلَامًا فَلَيْسَ مِنِّي وَالْقَوْلُ مِنْهُمَا مَعًا فَمَا وَلَدَتْ مِنْ وَلَدٍ فِي ذَلِكَ الْبَطْنِ فَهُوَ لَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدَّعْوَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحِيحٌ لِمَا فِي بَطْنِهَا وَالتَّقْسِيمُ الَّذِي ذَكَرَاهُ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ وَتَقْسِيمٌ فِيمَا هُوَ فِي رَحِمٍ وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي الرَّحِمِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا لَغَى هَذَا التَّقْسِيمُ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا بِالدَّعْوَةِ إذَا كَانَ الْقَوْلُ مِنْهُمَا مَعًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَابِقًا فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ غُلَامًا كَانَ أَوْ جَارِيَةً؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدَّعْوَةِ مِنْهُ قَدْ صَحَّ وَالتَّقْسِيمُ بَطَلَ وَقَدْ صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَالدَّعْوَةُ مِنْ الْآخَرِ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الْمِلْكِ وَفِي وَلَدٍ ثَابِتِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ بَاطِلًا.
(قَالَ) وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَهُوَ مِنِّي إلَى سَنَتَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا جَارِيَةٌ فَهِيَ مِنِّي إلَى سَنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِمَا لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ قَالَا ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ فَهُمَا رَقِيقَانِ لَهُمَا؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِمَا فِي الْبَطْنِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ وَقَوْلُ الْمُدَّعِيَيْنِ إلَى سَنَتَيْنِ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ مِنْهُمَا فَلَا طَرِيقَ لَهُمَا إلَى مَعْرِفَةِ مُدَّةِ بَقَاءِ الْوَلَدِ فِي الْبَطْنِ وَإِنْ جَاءَتْ بِآخَرِهِمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْقَوْلِ وَجَاءَتْ بِالْأَوَّلِ قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُمَا وَلَدَا الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute