للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِي الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهَا مَحْصُورَةٌ بِعَدَدِ النَّوَافِلِ فَإِنَّهَا لَا نِهَايَةَ لَهَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ كَالْمَغْرِبِ وَفِي رِوَايَةٍ وِتْرُ اللَّيْلِ كَوِتْرِ النَّهَارِ ثُمَّ وِتْرُ النَّهَارِ وَاجِبٌ فَكَذَلِكَ وِتْرُ اللَّيْلِ. وَفِي اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - عَلَى تَقْدِيرِ التَّرَاوِيحِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَاتِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عِشْرُونَ رَكْعَةً وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ الْوِتْرُ وَاجِبًا، غَيْرَ أَنَّ وُجُوبَ الْوِتْرِ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعَمَلِ غَيْرِ مُوجِبٍ عِلْمَ الْيَقِينِ فَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَتُحَطُّ رُتْبَتُهُ بِسَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ فَلَا يُسَمَّى فَرْضًا مُطْلَقًا أَمَّا الْفَرْضُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَمَا ذَكَرُوا مِنْ الْآثَارِ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبَاتِ ظَاهِرٌ عِنْدَنَا

قَالَ (فَإِنْ افْتَتَحَ تَطَوُّعًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ لَمْ يَفْسُدْ تَطَوُّعُهُ) لِأَنَّ وُجُوبَ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ مُخْتَصٌّ بِالْوَاجِبَاتِ فَإِنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ دُونَ التَّطَوُّعَاتِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً فِي خِلَالِ الْفَرْضِ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ تَطَوُّعًا فَإِذَا تَذَكَّرَ فِي التَّطَوُّعِ لَأَنْ يَبْقَى تَطَوُّعًا كَانَ أَوْلَى

قَالَ (وَالتَّطَوُّعُ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ لَا فَصْلَ بَيْنَهُنَّ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَانِ) وَمُرَادُهُ السُّنَّةُ وَلَكِنَّهُ فِي الْكِتَابِ يُسَمِّي السُّنَنَ تَطَوُّعَاتٍ وَالْأَصْلُ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ذَكَرَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ذَكَرَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلَكِنْ ذَكَرَ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَحْنُ أَخَذْنَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَقُلْنَا الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِحَدِيثِ «أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بَعْدَ الزَّوَالِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي تُدَاوِمُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: هَذِهِ سَاعَةٌ تُفَتَّحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ. فَقُلْت: أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْت: أَبِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ؟ فَقَالَ: بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ»

(فَأَمَّا قَبْلَ الْعَصْرِ فَإِنْ تَطَوَّعَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَهُوَ حَسَنٌ) لِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَانَتْ لَهُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ» وَلَا تَطَوُّعَ بَعْدَهَا وَاَلَّذِي رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَقَالَ: رَكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ شَغَلَنِي الْوَفْدُ عَنْهُمَا فَقَضَيْتُهُمَا. فَقَالَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>