بَلْ تَعَلَّقَ بِمَوْتِهِمَا فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا وَلَكِنْ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا صَارَ نَصِيبُ الْآخِرِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ عِتْقُ نَصِيبِهِ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ الْآنَ، وَنَصِيبُ الَّذِي مَاتَ صَارَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ عِتْقِهِ لَمْ يَتِمَّ بِمَوْتِهِ ثُمَّ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْخَمْسَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنْشَأَ تَدْبِيرَ نَصِيبِهِ فِي الْحَالِ (فَإِنْ قِيلَ) كَيْف يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنَّمَا تَدَّبَّرَ نَصِيبُهُ بِسَبَبٍ كَانَ سَاعَدَهُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَوَرَثَتُهُ فِي ذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ (قُلْنَا) نَعَمْ الْوَرَثَةُ خُلَفَاؤُهُ فِيمَا كَانَ ثَابِتًا فِي حَقِّهِ وَالتَّدْبِيرُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي نَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي نَصِيبِ الْحَيِّ بَعْدَ مَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى وَرَثَتِهِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَضْمَنُوهُ.
(قَالَ) مُدَبَّرَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهَا وَسَعَتْ لِلْآخَرِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلَا ضَمَانَ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ بِسَبَبِ التَّدْبِيرِ الَّذِي رَضِيَا بِهِ إلَّا أَنَّ نَصِيبَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ بَقِيَ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَقَدْ احْتَبَسَ عِنْدَهَا فَتَسْعَى لَهُ.
(قَالَ) فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ أَنْ تَسْعَى لَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ أَيْضًا إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ السِّعَايَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ كَانَ ثَابِتًا عَلَى مِلْكِهِ مَا لَمْ تُؤَدِّ السِّعَايَةَ فَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ عَنْهَا السِّعَايَةُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى.
(قَالَ) مُدَبَّرَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَثْبُتُ نَسُبَّهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الشَّرِيكِ مِنْ الْوَلَد مُدَبَّرٌ وَبِالتَّدْبِيرِ يَجِبُ حَقُّ الْعِتْقِ فَلَا يَمْلِكُ الْآخَرُ إبْطَالَهُ بِالدَّعْوَةِ وَلِأَنَّهُ إثْبَاتُ الِاسْتِيلَادِ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مُدَبَّرٌ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قِيَامَ مِلْكِهِ فِي النِّصْفِ كَافٍ لِصِحَّةِ دَعْوَتِهِ وَالْوَلَدُ مُحْتَاجٌ إلَى النَّسَبِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْعُقْرِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْقِنَّةِ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُسْتَوْلَدَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَعْلَقُ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهُنَا لَا يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُدَبَّرَةٌ فَيَصِيرُ الْوَلَدُ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهُ مُدَبَّرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَاهُ وَهِيَ حُبْلَى فَوَلَدَتْ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ فِي الْبَطْنِ مَحَلٌّ لِلْعِتْقِ وَاسْتِحْقَاقِ النَّسَبِ بِالدَّعْوَةِ فَهُوَ كَالْمُنْفَصِلِ فَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَيِّتًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْرَفْ حَيَاتُهُ وَإِتْلَافُ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ ضَرَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute