للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الِاسْتِيلَادَ يَحْتَمِلُ التَّجْزِيءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(قَالَ) مُدَبَّرَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَاهُ فَالْغُلَامُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ وَالْحَقُّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَبَرَّأُ مِنْ سِعَايَتِهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَالْجَارِيَةُ بَيْنَهُمَا تَخْدُمُهُمَا عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً بَيْنَهُمَا وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ بَعْدَ إقْرَارِهِمَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بِالتَّدْبِيرِ وَسَعَتْ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَةِ الَّذِي مَاتَ فِي نَصِيبِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ كَانَ مُنْكِرًا لِذَلِكَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مُدَبَّرَةٍ فَإِنَّ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا لَا تَسْعَى لِلْآخِرِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يَتَبَرَّأُ مِنْ سِعَايَتِهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَلشَّرِيكِ الْمَيِّتِ قَدْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، وَحَقُّهُ فِي الضَّمَانِ قَبْلَهُ فَلِهَذَا لَا يَسْتَسْعِيهَا هُنَاكَ.

(قَالَ) جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ دَبَّرَهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَهَا بِشَهَادَتِهِ شَيْءٌ حَتَّى لَا تُبَاعَ وَلَا تُوهَبَ وَلَا تُمْهِرَ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِي حَقِّهِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعْلُومًا لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ بِهِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ وَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ، فَإِنْ مَاتَ الشَّاهِدُ فَهِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَمَا كَانَتْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الشَّاهِدِ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاتِّفَاقِهِمَا فَيَخْلُفُهُ وَرَثَتُهُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَتَقَتْ وَسَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ مُقِرٌّ بِعِتْقِ نَصِيبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَيَفْسُدُ رِقُّهَا بِزَعْمِهِ، ثُمَّ وَرَثَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ يَقُولُونَ الشَّاهِدُ كَاذِبٌ وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَيْهِ (قُلْنَا) لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا فِي قِيمَةِ نَصِيبِهَا، وَالشَّاهِدُ يَقُولُ عَتَقَ نَصِيبُ شَرِيكِي بِمَوْتِهِ وَلِي حَقُّ اسْتِسْعَائِهَا فِي نَصِيبِي فَلِهَذَا سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالتَّدْبِيرِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَالْمُدَبَّرَةِ لِاعْتِبَارِ زَعْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَقِّهِ، وَأَيُّهُمَا مَاتَ سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَتِهِ وَلِلْحَيِّ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي السِّعَايَةَ وَيَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَتَقَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ شَرِيكِهِ

(قَالَ) وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ ثُمَّ دَبَّرَهُ الْآخَرُ فَتَدْبِيرُهُ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَتَدْبِيرُهُ يَكُونُ إبْرَاءً لِلْمُعْتَقِ عَنْ الضَّمَانِ وَاخْتِيَارًا لِلسِّعَايَةِ فَيَسْعَى لَهُ الْغُلَامُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّ قَدْرَ نُقْصَانِ التَّدْبِيرِ حَصَلَ بِمُبَاشَرَتِهِ وَاكْتِسَابِهِ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ فَلِهَذَا يَسْعَى لَهُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا

(قَالَ) عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ دَبَّرَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نِصْفَ نَصِيبِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ فَقَدْ أَبْرَأ الْمُدَبِّرَ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>