للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ ثُبُوتُ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِي الْأُمِّ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ، وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ قَبْلَ الدَّعْوَةِ فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الِاسْتِلْحَاقِ الَّذِي كَانَ لِلْبَائِعِ فَلَا يَبْقَى الضَّعِيفُ بَعْدَ طَرَيَان الْقَوِيِّ، وَلَا تَصِيرُ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا تَبَعٌ لِحَقِّ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ وَلَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ فِيمَا هُوَ الْأَصْلُ فَكَذَلِكَ فِي التَّبَعِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَعْتِقْهُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِثُبُوتِ نَسَبِهِ ابْتِدَاءً، وَإِذَا كَانَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ حَيٌّ لَمْ تَجُزْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ أَيْضًا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَإِنَّ هُنَاكَ النَّسَبُ كَانَ ثَابِتًا اسْتَتَرَ بِاللِّعَانِ فَيَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ بِبَقَاءِ وَلَدٍ يَخْلُفُهُ حَتَّى يَظْهَرَ بِدَعْوَتِهِ وَهُنَا النَّسَبُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا أَصْلًا وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ابْتِدَاءَ فَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ بَقَاءُ وَلَدِ الْوَلَدِ فِي تَصْحِيحِ دَعْوَتِهِ وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا الْفَرْقَ فِي الدَّعْوَى

(قَالَ)، وَإِذَا بَاعَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَفُسِخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ دَعْوَتِهِ حَقُّ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى شَيْءٍ ثَبَتَ مَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ حَتَّى بَاعَهَا الْمُشْتَرِي وَتَنَاسَخَهَا رِجَالٌ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَادَّعُوهُ جَمِيعًا فَهُوَ ابْنُ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعُلُوقِ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَتَكُونُ دَعْوَتُهُ فِي الْمَعْنَى أَسْبَقَ وَتُفْسَخُ الْبُيُوعُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ الْبُيُوعَ فِي احْتِمَالِ الْفَسْخِ كَبَيْعٍ وَاحِدٍ فَلَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ حَقُّ الِاسْتِلْحَاقِ الَّذِي كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ وَلَدًا وُلِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعُلُوقِ وَالْوِلَادَةِ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَحَقُّ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ لَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَظْهَرُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدَّعْوَى لِخَفَاءِ أَمْرِ الْعُلُوقِ فَقَدْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَظُنُّ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْهُ فَيَتَدَارَكُ ذَلِكَ بِالدَّعْوَةِ

(قَالَ) وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ صَبِيٌّ لَا يَنْطِقُ وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ ابْنُهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقِيَاسِ لِلتَّنَاقُضِ وَصَدَقَ فِي الِاسْتِحْسَانِ لِخَفَاءِ أَمْرِ الْعُلُوقِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلِأَنَّهُ يُقِرُّ لَهُ بِالنَّسَبِ فِي حَالِ حَاجَتِهِ إلَى النَّسَبِ وَهُوَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.

وَلَوْ كَانَ لَقِيطًا فِي يَدِهِ فَادَّعَى نَسَبَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ فَهُنَا أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا كَبِيرًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ صَدَّقَهُ الْغُلَامُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَهُوَ مُعَبِّرٌ عَنْ نَفْسِهِ فَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ دَعْوَةِ نَسَبِهِ عَلَى تَصْدِيقِهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ فِي يَدِ مَوْلَاهُ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ وَلَا قَوْلَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>