وَلَوْ سَقَطَ حَائِطٌ لَهُ مَائِلٌ قَدْ شَهِدَ فِيهِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ هَدْمِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ فَإِذَا تَرَكَهُ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ جُعِلَ كَالدَّفْعِ لَهُ عَلَى مَنْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ
وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ قَتِيلٌ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهَا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي دَارِهِ إلَيْهِ فَيَكُونُ كَالْحُرِّ فِي ذَلِكَ وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ الْحُرِّ جُعِلَ كَالْقَاتِلِ لَهُ فِي وُجُوبِ الْبَدَلِ فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُ مُعْتَبَرٌ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَا تُوجَبُ مِنْ قِيمَتِهِ إلَّا عَنْ أَلْفٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَكَذَلِكَ الْقِيمَةُ الْوَاجِبَةُ بِالْجِنَايَةِ مِنْهُ، فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ بِهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ ظَاهِرٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بِالْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُقْضَ بِهَا عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ قِيمَتُهُ يُبَاعُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي قُلْنَا إنَّ مُوجَبَ جِنَايَتِهِ الْقِيمَةُ ابْتِدَاءً وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ بِهَذَا مَرَّةً ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَقَالَ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا؛ لِأَنَّ مُوجَبَ جِنَايَتِهِ فِي رَقَبَتِهِ لِتَوَهُّمِ إمْكَانِ الدَّفْعِ بَعْدَ الْعَجْزِ وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ إلَى الذِّمَّةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَإِذَا عَجَزَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بَقِيَتْ الْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهِ فَكَأَنَّهُ جَنَى ابْتِدَاءً بَعْدَ الْعَجْزِ فَيُخَاطَبُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ أَرْشُ الْمَمَالِيكِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَمْدُ قَوَدٌ وَالرَّقِيقُ فِي حُكْمِ الْقَوَدِ وَالْحُرُّ سَوَاءٌ»
وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَبْدُهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ، أَمَّا الِابْنُ فَلِأَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَمِنْ وَجْهٍ هُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمُكَاتَبِ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ بِكَسْبِهِ فَاشْتَبَهَ مَنْ يَجِبُ الْقِصَاصُ لَهُ، وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَأَمَّا عَبْدُهُ فَلِأَنَّ لِلْمَوْلَى فِيهِ حَقُّ الْمِلْكِ أَلَا تَرَى أَنَّ بِعَجْزِهِ يَتِمُّ فِيهِ مِلْكُ الْمَوْلَى وَمِنْ وَجْهٍ هُوَ مِلْكُ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يَتِمَّ مِلْكُهُ فِيهِ إذَا أَعْتَقَ فَيَشْتَبِهُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إنَّمَا صَارَ أَحَقَّ بِكَسْبِهِ لِيُؤَدِّيَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ وَالْمَوْلَى مَمْنُوعٌ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْقِصَاصِ لَهُ أَيْضًا وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، وَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُقْتَصَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِأَصْلِ الْفِعْلِ فَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَى الْقَاتِلِ الْقِيمَةُ لَمَّا تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقِصَاصِ وَهُوَ وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَإِنْ عَفَوْا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute