الْمُوَرِّثَ فِي حَيَاتِهِ فَلِهَذَا يَعْتِقُ بِهِ.
وَإِنْ كَاتَبَ أُمَّتَهُ مُكَاتَبَةً فَاسِدَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمَّ أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ وَلَدُهَا مَعَهَا اعْتِبَارًا لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِالْجَائِزِ فِي الْحُكْمِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا تَمَّ لَهَا بِالْأَدَاءِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِثُبُوتِهِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَمَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَسْبِ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ فَلَيْسَ عَلَى وَلَدِهَا أَنْ يَسْعَى فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِيمَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى أُمِّهِ وَمَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَلَى وَلَدِهَا، فَإِنْ اسْتَسْعَاهُ فِي مُكَاتَبَةِ الْأُمِّ فَأَدَّاهُ لَمْ يَعْتِقْ فِي الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ، وَالِاسْتِحْقَاقَ بِهِ ضَعِيفٌ، وَالْحَقُّ الضَّعِيفُ فِي الْأُمِّ لَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَعْتِقُ هُوَ وَأُمُّهُ مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ حَيَاتِهَا اعْتِبَارًا لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِالْجَائِزِ فِي الْحُكْمِ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهَا وَكَانَ أَدَاؤُهُ فِي حَيَاةِ الْأُمِّ كَأَدَائِهَا فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ أَدَاؤُهُ كَأَدَائِهَا، وَإِنْ كَاتَبَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ أَوْ عَلَى أَنْ تَخْدِمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُخَالِفٌ لِمُوجِبِ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَلِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ تَصِيرُ أَحَقَّ بِأَوْلَادِهَا وَأَكْسَابِهَا، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا مَعَ الْأَلْفِ شَيْئًا مَجْهُولًا مِنْ كَسْبِهَا لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ مَعَ الْأَلْفِ مَا تَلِدُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، ثُمَّ إنْ أَدَّتْ مُكَاتَبَتَهَا تَعْتِقُ وَفِيهِ طَعَنَ بِشْرٌ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ.
وَإِنْ كَاتَبَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ الدِّيَاسِ أَوْ إلَى الْحَصَادِ أَوْ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ مِنْ الْأَجَلِ جَازَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَسْمِيَةِ الْبَدَلِ كَالْبَيْعِ وَهَذِهِ الْآجَالُ الْمَجْهُولَةُ إذَا شُرِطَتْ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَسَدَ بِهَا الْعَقْدُ فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، فَقَالَ الْكِتَابَةُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ بِمَنْزِلَةِ الْعُقُودِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي الْبَدَلِ كَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ فِي الْأَجَلِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الصَّدَاقِ فَكَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْمُسْتَدْرَكَةَ فِي الْأَجَلِ نَظِيرُ الْجَهَالَةِ الْمُسْتَدْرَكَةِ فِي الْبَدَلِ، وَهُوَ جَهَالَةُ الصِّفَةِ بَعْدَ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ فَكَمَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الْكِتَابَةِ فَكَذَلِكَ هَذَا، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَطَاءُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ الْمَالُ إذَا جَاءَ أَجَلُ الْعَطَاءِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَقْتُ الْعَطَاءِ لَا عَيْنُهُ فَإِنَّ الْآجَالَ تُقَدَّرُ بِالْأَوْقَاتِ. وَلَهَا أَنْ تُعَجِّلَ الْمَالَ وَتَعْتِقَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّهَا فَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَلَهَا فِي هَذَا التَّعْجِيلِ مَنْفَعَةٌ أَيْضًا، وَهُوَ وُصُولُهَا إلَى شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَلَوْ كَاتَبَهَا عَلَى مَيْتَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأُمَّ لَمْ يُعْتَقْ وَلَدُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا فَإِنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِتَسْمِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute