للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكْتُوبٌ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي سُورَتَيْنِ فَالْقِرَاءَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَكَذَلِكَ الْقُنُوتُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا الْأَثَرُ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَاسَ بِهِ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ

قَالَ (وَلَا قُنُوتَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ سِوَى الْوِتْرِ عِنْدَنَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا»

وَقَدْ صَحَّ قُنُوتُهُ فِيهَا فَمَنْ قَالَ إنَّهُ انْتَسَخَ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِالدَّلِيلِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي حُرُوبِهِ كَانَ يَقْنُتُ عَلَى مَنْ نَاوَاهُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.

(وَلَنَا) حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ»، وَهَكَذَا عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ شَهْرًا أَوْ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانٍ وَيَقُولُ فِي قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٢٨] الْآيَةَ تَرَكَ ذَلِكَ» وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَلَّيْت خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ سِنِينَ وَخَلْفَ عُمَرُ كَذَلِكَ فَلَمْ أَرَ وَاحِدًا مِنْهُمَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ. وَرَوَوْا الْقُنُوتَ وَرَوَوْا تَرْكَهُ، كَذَلِكَ فَفِعْلُهُ الْمُتَأَخِّرُ يَنْسَخُ فِعْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَمَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ انْتَسَخَ أَحَدُهُمَا بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَلِكَ الْآخَرُ

قَالَ (وَكَانَ يُقَالُ مِقْدَارُ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَلَيْسَ فِيهَا دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ) يُرِيدُ بِهِ سِوَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك، فَالصَّحَابَةُ اتَّفَقُوا عَلَى هَذَا فِي الْقُنُوتِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ بِمَا «عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ» إلَى آخِرِهِ وَالْقِرَاءَةُ أَهَمُّ مِنْ الْقُنُوتِ فَإِذَا لَمْ يُؤَقِّتْ فِي الْقِرَاءَةِ فِي شَيْءٍ فِي الصَّلَاةِ فَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْلَى.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّوْقِيتُ فِي الدُّعَاءِ يُذْهِبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ، وَمَشَايِخُنَا قَالُوا: مُرَادُهُ فِي أَدْعِيَةِ الْمَنَاسِكِ، فَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يُؤَقِّتْ فَرُبَّمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ

قَالَ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يَفْتَتِحُ الْقُنُوتَ) لِلْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَقُنُوتِ الْوِتْرِ وَفِي الْعِيدَيْنِ وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَبِعَرَفَاتٍ وَبِجَمْعٍ وَعِنْدَ الْمَقَامَيْنِ وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ» (ثُمَّ يَكْفِيهِمَا) قِيلَ مَعْنَاهُ يُرْسِلُهُمَا لِيَكُونَ حَالُ الدُّعَاءِ مُخَالِفًا لِحَالِ الْقِرَاءَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>