بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الزَّوَائِدَ وَإِذَا صَارَتْ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِلثَّانِي وَعَلَى الثَّانِي جَمِيعُ قِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَ مَمْلُوكَةَ الْغَيْرِ وَلَكِنَّهُ كَانَ مَغْرُورًا بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ وَلَدُهُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَجَبَ نِصْفُ الْعُقْرِ عَلَى الثَّانِي وَنِصْفُ الْعُقْرِ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا قِصَاصًا بِالْآخَرِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُ جَمِيعِ الْعُقْرِ عَلَى الثَّانِي، ثُمَّ يَكُونُ النِّصْفُ بِالنِّصْفِ قِصَاصًا وَيَبْقَى لِلْأَوَّلِ نِصْفُ الْعُقْرِ عَلَى الثَّانِي، وَبَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا أَنَّهُ حِينَ اسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا صَارَ الْكُلُّ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَلَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِالدَّعْوَى.
مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ بِنْتًا، ثُمَّ وَطِئَ أَحَدُهُمَا الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ مِنْهُ قَالَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الِابْنَةَ بِمَنْزِلَةِ أَمَةٍ مُكَاتَبَةٍ بَيْنَهُمَا فَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِالدَّعْوَى كَمَا ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَالِابْنَةُ عَلَى حَالِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُخْرِجَ نَفْسَهَا مِنْ الْمُكَاتَبَةِ لِتَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلِدِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا تَمْلِكُ فَسْخَ الْعَقْدِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا مَقْصُودًا وَلَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى فَسْخِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ أُمِّهَا وَلِأَنَّ الْأُمَّ إنَّمَا كَانَتْ تُعْجِزُ نَفْسَهَا عَمَّا عَلَيْهَا مِنْ الْبَدَلِ وَلَيْسَ عَلَى الْوَلَدِ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ وَقَدْ كَانَ لِلْأُمِّ مَنْفَعَةٌ فِي التَّخْيِيرِ فَخَيَّرْنَاهَا وَلَا مَنْفَعَةَ لِلِابْنَةِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى الْمُسْتَوْلِدِ عُقْرُهَا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ وَلَكِنَّ عُقْرَهَا لِلْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهَا وَأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأُمِّ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ صَارَتْ الِابْنَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ظُهُورِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهَا قَدْ ارْتَفَعَ بِعَجْزِ الْأُمِّ وَإِنَّمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينَ عَلِقَتْ مِنْهُ فَلِهَذَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ عَلِقَتْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تُعْجِزْ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الِابْنَةَ بَعْدَ عُلُوقِهَا مِنْ الْأَوَّلِ عَتَقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الِابْنَةِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيهَا فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُعْتَقِ عَتَقَ بِإِعْتَاقِهِ وَنَصِيبَ الْآخَرِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِلْمُسْتَوْلِدِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْتَوْلِدِ وَقَدْ عَتَقَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ إعْتَاقِهِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأُمِّ يَكُونُ إعْتَاقًا لِنَصِيبِهِ مِنْهُ كَمَا بَيَّنَّا مِنْ عِتْقِ السُّفْلَى بِإِعْتَاقِ الْعُلْيَا عَلَى أَصْلِهِ وَالْمُكَاتَبَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا تَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ أَوْ تَعْجِزُ فَتَكُونُ أَمَةً بَيْنَهُمَا.
مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَأَعْتَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute