للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ مَسْجِدَهُ بَعْدُ أَنْ يَتْبَعَ الْجَمَاعَةَ فَإِنْ دَخَلَ مَسْجِدَهُ صَلَّى فِيهِ

قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْوَقْتِ) وَكَانَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَدِلُّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ إذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفْعَلَ، فَدَلَّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عِنْدَ الْعَوَامّ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ فَهُوَ كَالْمَدَدِ لَهُمْ فَلْيُعَجِّلْ أَدَاءَ الْفَرِيضَةِ لِيَلْحَقَ بِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْوَقْتِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَعَهُ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ مَشْرُوعٌ جَبْرًا لِنُقْصَانِ الْفَرَائِضِ وَحَاجَةُ مَنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ إلَى هَذَا أَمَسُّ

قَالَ (وَإِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ كَرِهْتُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَطَوَّعَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ» إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَإِنِّي لَمْ أَكْرَهْهُمَا) وَكَذَلِكَ إذَا انْتَهَى إلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ افْتَتَحَ الْقَوْمُ صَلَاةَ الْفَجْرِ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فِي الْجَمَاعَةِ وَهَذَا عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى قِيَاسِ سَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ.

(وَلَنَا) مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَامَ إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ، وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ إنِّي لِأَذْكُرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَيَدْخُلُ النَّاسُ وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ مَعَهُ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ عِنْدَنَا لَا يَقْضِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَيُحْرِزُهُمَا إذَا طَمِعَ فِي إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ كَإِدْرَاكِ جَمِيعِ الصَّلَاةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ» وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِيهِمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَشْتَغِلُ بِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ دَخَلَ مَعَ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَاتِ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا فَعَلَ هَذَا الْمُتَخَلِّفُ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ (وَقَالَ) عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْظُرَ إلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْجَمَاعَةَ فَآمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يُحَرِّقُوا بُيُوتَهُمْ فَدَلَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَقْوَى السُّنَنِ فَيَشْتَغِلُ بِإِحْرَازِ فَضِيلَتِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ التَّشَهُّدِ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إدْرَاكُ التَّشَهُّدِ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ كَمَا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَيَبْدَأُ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْتَبَرُ إدْرَاكُ التَّشَهُّدِ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ

قَالَ (رَجُلٌ سَلَّمَ عَلَى تَمَامٍ مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>