رُدَّتْ فِي الرِّقِّ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَصَارَ هُوَ أَحَقُّ بِجَمِيعِ مَكَاسِبِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ فِيهَا وَكَسْبُهَا سَالِمٌ لَهُ فَإِنَّمَا قَضَى عَلَيْهَا بِالسِّعَايَةِ بَعْدَ مَا صَارَ هَذَا الْمَالُ لِلسَّيِّدِ فَلِهَذَا لَا يُحْتَسَبُ بِذَلِكَ الْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ.
ذِمِّيٌّ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا فَإِنْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ عُقْرَهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ نَفْسُهَا قُضِيَ عَلَيْهَا بِالسِّعَايَةِ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْلَمَتْ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا عُقْرَ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ عُقْرَهَا كَكَسْبِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ الْكَسْبِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ هُنَا.
عَبْدٌ كَافِرٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَكَاتَبَ الذِّمِّيُّ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى خَمْرٍ تَجُوزُ الْمُكَاتَبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا تَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْكِتَابَةَ لَا تَتَجَزَّى وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُهَا فِي نَصِيبِ الْمُسْلِمِ بِالْخَمْرِ فَكَذَلِكَ فِي نَصِيبِ الْكَافِرِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكِتَابَةُ تَتَجَزَّى فَيُقْتَصَرُ الْعَقْدُ عَلَى نَصِيبِ الْكَافِرِ خَاصَّةً وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ كَافِرٍ بِخَمْرٍ جَازَ فَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهُ عَلَى خَمْرٍ وَلَا يَضْمَنُ لِلْمُسْلِمِ فِيمَا أَخَذَ النَّصْرَانِيُّ مِنْ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَاتَبَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْعَبْدُ قَضَى بِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ لِلْمُسْلِمِ بِالِاسْتِهْلَاكِ، وَإِنْ كَاتَبَاهُ جَمِيعًا عَلَى خَمْرٍ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ فِي نَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْبَدَلِ وَلَوْ كَانَ دَرَاهِمَ وَقَدْ تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهُ فِي نَصِيبِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ الْبَدَلُ خَمْرًا فَلَا يَصِحُّ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ أَيْضًا إذْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ يُعْتَقُ بِأَدَاءِ نَصِيبِ الْآخَرِ مِنْ الْخَمْرِ إلَيْهِ وَذَلِكَ خِلَافُ شَرْطِهِمَا فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي نَصِيبِهِ فَاسِدٌ، وَقَدْ تَقَرَّرَ بِالْأَدَاءِ مَعَ صِفَةِ الْفَسَادِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلِلذِّمِّيِّ نِصْفُ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَدْ زَالَ فِي نَصِيبِهِ حِينَ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ وَتَسْمِيَةُ الْخَمْرِ فِي حَقِّهِ كَانَ صَحِيحًا وَقَدْ سَلِمَ لَهُ نِصْفُ الْخَمْرِ كَمَا شَرَطَ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيَّيْنِ كَاتَبَا عَبْدًا عَلَى خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَلَهُمَا جَمِيعًا قِيمَةُ الْخَمْرِ يَوْمَ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ فَيُجْعَلُ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا فِي تَعَذُّرِ قَبْضِ الْخَمْرِ كَإِسْلَامِهِمَا وَلَوْ أَسْلَمَا تَحَوَّلَ الْخَمْرُ قِيمَةً عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُسْلِمِ تَحَوَّلَ إلَى الدَّرَاهِمِ بِإِسْلَامِهِ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ تَحَوَّلَ نَصِيبُ الْآخَرِ إلَى الدَّرَاهِمِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي نَصِيبِهِمَا وَاحِدٌ فَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute