للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَذَلِكَ عَوْدُ هَذَا الْمَالِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَّتْ الْمُكَاتَبَةُ فَصَارَتْ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِالْمُقَاصَّةِ يَصِيرُ قَاضِيًا دَيْنَ الْكَفَالَةِ لِلْمُكَاتَبِ أَوْ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا مَا فِي ذِمَّتِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا كَانَ كَفَلَ بِأَمْرِهِ.

وَلَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ مَا فِي الْبَطْنِ، وَإِنْ قَبِلَتْهَا الْأُمُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ غَيْرُ مَعْلُومِ الْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فِي الْقَبُولِ وَالْقَبُولُ مِنْهُ لَا يُتَصَوَّرُ.

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ كِتَابَةَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ بَاطِلٌ فَمَا فِي الْبَطْنِ أَوْلَى وَكَذَلِكَ إنْ تَوَلَّى قَبُولُ ذَلِكَ حُرٌّ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ وَضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْقَبُولِ وَمَا فِي الْبَطْنِ لَيْسَ بِمَحَلِّ الْكِتَابَةِ وَالْعَقْدِ مَتَى أُضِيفَ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنَّمَا يُجْعَلُ قَبُولُ الْغَيْرِ كَقَبُولِ مَنْ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي مَوْضِعٍ يَتَحَقَّقُ الْقَبُولُ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ الْمَقْصُودُ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ قَالَ لِلْحُرِّ إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَأَدَّاهُ عَتَقَ إذَا وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِوُجُودِهِ فِي الْبَطْنِ يَوْمَئِذٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ مَحَلُّ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَيَكُونُ مَحَلًّا لِتَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِالشَّرْطِ وَيَعْتِقُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ لَمْ يَمْلِكْهُ مِنْ الْمَوْلَى بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَعِتْقُ الْجَنِينِ كَانَ بِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ هُوَ الْأَدَاءُ إلَى الْمَوْلَى دُونَ التَّمْلِيكِ مِنْهُ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَدِّي؛ فَلَهَدَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَتَقَ الْجَنِينُ.

وَإِذَا وَهَبَ الْمُكَاتَبُ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ رُدَّتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ حَيْثُ كَانَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِمَا صَنَعَ وَلَا كَانَ كَسْبُهُ مُحْتَمِلًا لَهُ فَلَغَا فِعْلَهُ وَبَقِيَ الْمَالُ عَلَى مِلْكِهِ فَيَأْخُذُهُ حَيْثُ مَا يَجِدُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ كَفَالَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْتِزَامٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِالْتِزَامِ الْحُقُوقِ فَيَنْفُذُ ذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ بِاسْتِهْلَاكِهِ مَالًا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ يَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ فِي حَالِ قِيَامِ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ الْعِتْقِ وَيَسْتَوْفِيهِ الْمَوْلَى بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي كَسْبِهِ خَلَصَ لَهُ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ عَبْدًا مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ فِي حُقُوقِ عَقْدِ الشِّرَاءِ كَالْحُرِّ وَالْمَوْلَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَإِنْ عَجَزَ ثُمَّ وَجَدَ السَّيِّدُ بِهِ عَيْبًا وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَخْلُصُ لَهُ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ كَمَا يَخْلُصُ لِلْمُكَاتَبِ بِعِتْقِهِ ثُمَّ لَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى بَعْدَ الْعَجْزِ وَالْمَوْلَى يَخْلُفُ فِي كَسْبِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ خِلَافَةَ الْوَارِثِ الْمُوَرِّثَ، وَلِلْوَارِثِ حَقُّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِيمَا اشْتَرَاهُ مُوَرِّثُهُ فَكَذَلِكَ لِلْمَوْلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمُكَاتَبَ هُوَ الَّذِي يَلِي رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>